و اظن ان الذى اوقع الاساتذة فيما اوقع حيث
زعموا ان لازم ذلك هو الامر بالضدين , هو ان كل مكلف له خطاب خاص و ارادة مستقلة
من المولى لامتثاله فجعلوا الخطاب شخصيا و رتبوا عليه ما رتبوا , ذهولا عن ان وضع
التكاليف القانونية غير هذا , بل ليس هنا الا خطاب واحد متوجه الى العنوان , و
الخطاب الواحد بوحدانيته اذا وضع الحكم فيه على العنوان , يكون حجة على المكلفين
ما دامت الشريعة قائمة , و يحتج به الموالى على العبيد اذا دخلوا تحت العنوان و
اجتمع سائر الشرائط من العقل و البلوغ و غيرهما من دون ان يكون لكل واحد خطابا و
ارادة .
فان قلت : ان الاهمال فى عالم الثبوت غير
معقول فحينئذ عجز المكلف و المطاردة و التزاحم و انكانت بوجودها متأخرة عن رتبة
الجعل و التشريع الا ان الحاكم يمكن ان يتصور حين ارادة التشريع , تزاحم هذا الحكم
الكلى مع الكلى الاخر اذا اراد المكلف ايجادهما فى الخارج و بالجملة يمكن ان يتصور
تزاحم الحكمين الكليين فى مقام الامتثال , فحينئذ نسئل ان الارادة المتعلقة على
هذا العنوان هل باقية على سعتها و عمومها بالنسبة الى حال التزاحم التى فرضنا ان
المولى توجه الى حال التزاحم حين تعلق الارادة , اولا , فعلى الاول يلزم تعلق
الارادة التشريعية بشى محال و على الثانى يلزم التقييد فى جانب الارادة و لازمه
التقييد فى جانب الخطاب و ليس الكلام فى مفاد اللفظ حتى يقال ان الاطلاق ليس معناه
التسوية فى جميع الحالات بل فى الارادة المولوية التى لا تقبل الاجمال و الاهمال .
قلت : ليس معنى عدم الاهمال الثبوتى ان
الحاكم حين الحكم يلاحظ جميع الحالات الطارية على التكليف و المكلف , و يقايس
التكليف مع ساير تكاليفه جمعا و مزاحمة , ضرورة بطلان ذلك بل المراد من عدم
الاهمال هو ان الامر بحسب اللب اما ان تتعلق ارادته و حكمه بنفس الطبيعة بلا قيد
فتكون الطبيعة بنفسها تمام الموضوع , و اما ان تتعلق بها مع قيد او قيود فتكون
موضوعها هو المقيد , و الاهمال انما هو فى مقام البيان لا فى مقام الواقع و اما
الحالات الطارية للمكلف او للتكليف بعد جعله , فهى ليست دخيلة فى الموضوع حتى يتقيد
بها او يكون الحاكم ناظرا اليها , فالحاكم