كان دخيلا فى الطاعة و فى تحقق المأمور به
لما جاز له الكف عن البيان , و لو بدليل آخر و الاكتفاء بحكم العقل بالاشتغال فى
المقام مدفوع بانه بعد الغض عن ان المورد داخل فى مجرى البرائة , انما يفيد لو كان
من الواضحات عند عامة المكلفين بحيث يصح الاتكال عليه لا فى مثل المقام الذى صار
مطرحا للانظار المختلفة و الاراء المتشتة .
اضف الى ذلك انه لا فارق بين المقامين و ما
ذكر من البرهان لاثبات الاشتغال جار فى الاقل و الاكثر ايضا اذ القائل بالاشتغال هناك
يدعى ان الامر بالاقل معلوم و نشك فى سقوطه لاجل ارتباطية الاجزاء , و ان الغرض
المستكشف من الامر معلوم و نشك فى سقوطه باتيان الاقل فيجب الاتيان بكل ما احتمل
دخله فى الغرض .
هذا مع ان مجرد عدم امكان تقييد المأمور به
لا يوجب عدم امكان البيان مستقلا , كما مرت اليه الاشارة , اذ لو توقف حصول غرض
المولى على امروراء المأمور به وجب عليه البيان .
و لك ان تقول : ان ما اشتهر من وجوب تحصيل
العلم بحصول اغراض المولى و مقاصده لا يرجع الى محصل , اذ الاغراض ان كانت حاصلة
بنفس ما وقع تحت دائرة البيان فما هو واجب تحصيله (( ح )) فى محيط العبودية هو ما
تعلق به البيان من الاجزاء و الشرائط و يتبعه الغرض فى الحصول , و ان كانت غير
حاصلة الا بضم ما لم تقم عليه حجة بعد , فلا نسلم وجوب تحصيله و هذا لا ينافى ما
سيأتى من وجوب تحصيل الغرض المعلوم اللازم الحصول مع امكان ان يقال انه يستكشف من
عدم البيان ان الغرض قائم بالمبين .
و اما البرائة الشرعية فتارة يفرض الكلام
فيما اذا جاز تقييد المأمور به بالقيود الاتية من قبل الامر , و اخرى فيما اذا لم
يجز ذلك الا بامر آخر , و ثالثة فيما لا يجوز مطلقا , و على اى حال تارة يفرض مع
القول بجريان البرائة العقلية فى قصد الامر و اخرى مع القول بعدمه فالصورة
المتصورة ستة , و الاقوى جريانها فى جميع الصور