منك الضرب مع ان التبادر على خلافه (( ثانيا
)) و ان كان المراد هو الطلب الايقاعى كما هو غير بعيد من سوق كلامه ففيه , انا لا
نتصور هنا غير البعث و الاغراء شيئا آخر حتى نسميه طلبا اغرائيا , و لو فرض له
معنى محصل فيرد بحكم التبادر اذ هو غير متبادر من الهيئة .
الثانى : قد تقدم منا تحقيق القول فى
الحقيقة و المجاز و مر ان اللفظ فيهما مستعمل فى الموضوع له و لكن ليثبت الذهن فيه
و لا يتجاوز الى غيره فى الحقيقة او يتجاوز الى شى آخر بادعاء ان الثانى ايضا عينه
فحينئذ يتضح ان الترجى و التمنى و التهديد و ان كانت ربما تراد من الامر لكن لا فى
عرض البعث و الاغراء , بل المستعمل فيه مطلقا هو البعث و انما يجعل غبرة لغيره
احيانا .
ثم الانتقال من المعنى الحقيقى اما الى معنى
محقق فى الواقع كما فى قوله سبحانه(( قل فأتو بعشر سور مثله مفتريات ))[1] استعمل الامر فى البعث لكن لا يلحق عليه بل لاجل الانتقال الى امر
محقق ثابت غير قابل للانشاء و هو خطائهم فى نسبه الافتراء الى رسول الله (ص ) او
عجزهم عن المعارضة و المناضلة , و اما الى معنى انشائى ايقاعى , فينشأ تبعا لصيغة
الامر كالترجى و تمنى الاستخلاص فى قول امرؤا القيس فى معلقته .
الا ايها الليل الطويل الا انجلى
بصبح و ما الاصباح منك بامثل
و به تتضح مشكلة اخرى و هى ان الاستفهام و
الترجى و التمنى التى استعملت فى الذكر الحكيم , لو بقيت على حالها لاستلزمت النقص
و الجهل و العجز فى ذاته , تعالى عن العيوب و النقايص , و حلها ان الكلمات
الموضوعة لانشاء تلك المعانى كلها مستعملة فيما وضعت له لاجل الانتقال الى معنى آخر
حسب مناسبة الموارد و المقامات [2] .
[2]ان
القوم فتحوا هنا بابا واسعا للبحث عن مسألة اتحاد الطلب و الارادة , حتى انتهى
بحثهم الى التحقيق عن مسألة الجبر و التفويض , التى قلما يتفق لانسان ان يكشف
مغزاها . <