المجاز فهو مما لا يقول به المفصل , و اما
ان تكون استعمالا فى معانيها الحقيقية و لكن بداعى التشويق او غيره , فيلزم ان
يكون معانيها غير ما يوجد بها حتى فى ما استعمل بداعى افاده ما هو الموضوع له .
و فيه ان من المحقق عند العارف باساليب
الكلام و محاسن الجمل , هو ان المجاز ليس الا استعمال اللفظ فيما وضع له بدواع
عقلائية من التمسخر و المبالغة و التشويق حتى فى مثل اطلاق الاسد على الجبان و لفظ
يوسف على قبيح المنظر والا لصار الكلام خاليا عن الحسن و مبتذلا مطروحا .
و على ذلك فقائل هذا البيت :
يا كوكبا ما كان اقصر عمره . . .
و كذا تكون كواكب الاسحار
قد استعمل حرف النداء فى النداء بالحمل الشايع
و اوجد فردا منه , لكن بداع آخر من التضجر و غيره , و لكن ارادة الجد على خلافه ,
فما قال من عدم كونها مجازا ممنوع , بل مجاز و مطلق المجاز يستعمل لفظه فى معناه
الحقيقى بداعى التجاوز الى غيره و سيأتى زيادة تحقيق فى ذلك ان شاء الله .
(( ثم )) انه
قدس سره قد اختار ان الحروف كلها اخطارية موضوعة للاعراض النسبية التى يعبر عنها و
عن غيرها من سائر الاعراض (( بالوجودات الرابطية )) و ان مداليل الهيئات هى ((
الوجود الرابط )) اى ربط العرض بموضوعه اذ لفظة (( فى )) فى قولنا : زيد فى الدار
تدل على العرض الاينى . العارض على زيد و الهيئة تدل على ربطه بجوهره و ما قيل من
ان مدلول الحروف اذا كان عرضا نسيبا فهو بذاته مرتبط بموضوعه فلا حاجة الى جعل
الهيئة لذالك , مدفوع , بان مدلول الهيئة يفصل ما دل عليه الحروف مجملا .
قلت ان صدر كلامة مخالف ما فى الذيل , حيث
افاد فى صدر كلامه ان مداليل الحروف من قبيل الاعراض النسبية اى غير الكم و الكيف
من الاعراض قاطبة , فهى وجودات رابطية مستقلات فى المفهومية , و ان مداليل الهيئات
عبارة عن ربط الاعراض بموضوعاتها , اى وجودات رابطة متدلية الذوات غير مستقلة