أولا انه اذا كان معنى الحجية جعل
الامارة علما ، كان مفاد الايات النافية لحجية غير العلم نفى جعلها علما ، وهذا
يعنى ان مدلولها فى عرض مدلول ما يدل على الحجية ، وكلا المدلولين موضوعها ذات
الظن ، فلا معنى لحكومته المذكورة.
ثانيا ان الحاكم ان كان هو نفس البناء
العقلائى ، فهذا غير معقول ، لأن الحاكم يوسع موضوع الحكم أو يضيقه فى الدليل
المحكوم ، وذلك من شأن نفس جاعل الحكم المراد توسيعه ، أو تضيقه ، ولا معنى لأن
يوسع العقلاء أو يضيقون حكما مجعولا من قبل غيرهم.
وإن كان الحاكم الموسع والمضيق هو
الشارع بامضاءه للسيرة ، فهذا يعنى انه لابد لنا من العلم بالامضاء ، لكى نحرز
الحاكم. والكلام فى انه كيف يمكن إحراز الامضاء مع وجود النواهى المكذورة الدالة
على عدم حجية؟
الجواب الثانى : ما ذكره صاحب الكفاية
رحمه الله [١]
من أن الردع عن السيرة بتلك العمومات الناهية غير معقول ، لانه دور. وبيانه ان
الردع بالعمومات عنها يتوقف على حجية تلك العمومات فى العموم ، وهذه الحجية تتوقف
على عدم وجود مخصص لها ، وعدم وجود مخصص يتوقف على كونها رادعة عن السيرة ، وإلا
لكانت مخصصة بالسيرة ولسقطت حجيتها فى العموم.