والله يَبْلُو العبد بما يحبه ليمتحن شكره ، وبما يكرهه ليمتحن صبره ،
قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ
بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ).
قوله تعالى : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) أي تختبر السرائر في القلوب ، من العقائد والنيات وغيرها
وما أسر وأخفى من الأعمال ، فيتميز منها ما طاب وما خبث.
قوله : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )أي ليعاملكم معاملة المختبرين لكم ، وإلا فعالم الغيب
والشهادة لا يخفى عليه شيء ، وإنما
يَبْلُو ويختبر من
تخفى عليه العواقب.
وعن بعض
المفسرين : جملة ( لِيَبْلُوَكُمْ
أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )تعليل لخلق الموت والحياة في قوله : ( خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ) والنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة ، غير مخلوط
فيه شيء سوى وجه الله سبحانه كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من
مئونته أو سوء خلقه ونحو ذلك.
قوله : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ
أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ... ) لِيَبْلُوَكُمْ متعلق بما تقدم ، أي خلقهن لحكمة بالغة ، وهي أن يجعلها
مساكن لعباده ، وينعم عليهم فيها بفنون النعم ويكلفهم ويعرضهم للثواب ، ولما أشبه
ذلك اختبار المختبر. قال : لِيَبْلُوَكُمْ
أي ليفعل بكم ما يفعل الْمُبْتَلِي لأحوالكم.
وفِي
الْحَدِيثِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ ». وهي كما جاءت به الرواية عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ
عليه السلام : « تَرْكُ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ ، وَتَرْكُ مُعَاوَنَةِ
الْمَظْلُومِ ، وَتَضْيِيعُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ
الْمُنْكَرِ ».
وفِيهِ : « الْحَمْدُ
لِلَّهِ عَلَى مَا
أَبْلَانَا ». أي أنعم
علينا وتفضل ، من الْإِبْلَاءِ الذي هو الإحسان والإنعام.