ورواه ابن سعد في طبقاته عن ابن مرثد عن أبيه مرثد بن عبداللّه الزمّاني ، وفيه : إذ وقف عليه رجل فقال : ألم ينهكَ أمير المؤمنين [ يعني عثمان ] عن الفتيا [٢] ...
قال ابن حجر : وفيه دليل على أنّ أبا ذر كان لا يرى طاعة الإمام [ عثمان ] إذا نهاه عن الفتيا ، لأنّه كان يرى أنّ ذلك واجب عليه لأمر النبي صلىاللهعليهوآله بالتبليغ عنه [٣].
فالاتّجاه الحاكم كان لا يريد أن يتحدّث أبو ذر وأمثاله بالأحكام التي قد لا توافق الخليفة ؛ لأنّ المشهد عظيم وهو (الحج) ، والمكان ـ الجمرة الوسط ـ أكثر ما يجتمع فيه الحجيج ، لكونه مجمع الصاعد منهم إلى العقبة ، والهابط إلى الجمرة الصغرى ، فكلامُ أبي ذر في هذا المشهد واجتماع الناس عليه يستفتونه هو ما لا يرضي الخلفاء ، وقد نهى عمرُ أبا ذر عن التحديث سابقا.
[١] سنن الدارمي ١ : ١٣٦. ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ : ٦٤ عن أبي كثير عن أبيه أيضا. [٢] طبقات ابن سعد ٢ : ٣٥٤. وروى هذا الحديث البخاري في صحيحه ٦ : ٢٥ ، لكنّه بَتَرَهُ ولم يذكر نهي عثمان ولا الفتى القرشي الرقيب الجاسوس ، بل ذكر قول أبي ذر فقط « لو وضعتم الصمصامة » ... الخ.
وقد روى الأحنف بن قيس أنّ الناس كانوا يهربون من أبي ذر وحديثه ومجالسته بعد نهي عثمان الناس عن مجالسته. انظر تاريخ دمشق ٦٦ : ١٩٥ ، والطبقات الكبرى ٤ : ٢٢٩.