اسم الکتاب : وضوء عبد الله بن عباس ودور السياسة في اختلاف النقل عنه المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 113
أصبح يوما وقد عزم اللّه له ، فقال : إنّي كنت أردت أن أكتب السنن ، وإنّي ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبّوا عليها ، فتركوا كتاب اللّه تعالى ، وإنّي لا ألبس كتاب اللّه بشيء أبدا » [١].
فهذه النصوص تؤكّد على أنّ مذهب الشيخين ـ ومن بعدهما عثمان ومعاوية كما سيأتي ـ كان هو النهي عن حديث رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وكتابته وتدوينه لأسباب ذكرناها في كتابنا « منع تدوين الحديث » [٢] ، وأنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كان قد أخبر بوقوع هذا الأمر من بعده بقوله (يوشك) الذي هو من أفعال المقاربة ، وقد تحقّق بالفعل من بعده ؛ حيث أخرج أحمد في مسنده وابن ماجة وأبو داود والدارمي والبيهقي في سننهم : أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال : « يوشك الرجل متّكئ على أريكته يحدّث بحديثي فيقول : بيننا وبينكم كتاب اللّه ، فما وجدناه فيه من حلال أحللناه ومن حرام حرّمناه » [٣] ، وهذا بعينه ما قاله الخليفة أبو بكر بعد وفاة رسول اللّه.
[١] تقييد العلم : ٤٩ ، حجية السنة : ٣٩٥ عن البيهقي في المدخل وابن عبدالبر. [٢] وكانت خلاصة الكلام أنّ منع الحكام من التحديث والكتابة والتدوين كان لأسباب ثلاثة : أوّلها : طمس فضائل أهل البيت المفسّرة بإمامتهم وولايتهم ، وثانيها : عدم إحاطة الحكام بالأحكام بالأحكام وخوفهم من المدوّنات أن تكشف عن جهلهم ، وثالثها : فتحهم لأنفسهم باب الرأي والإفتاء طبق الضرورات وصياغتهم للأحكام من المواقف ، والمدوناتُ تحفظ الصادرة عن رسول اللّه وترفض فتح باب الرأي والإفتاء. [٣] مسند أحمد ٤ : ١٣٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦ / ١٢ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٠٠ / ٤٦٠٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ٩ : ٣٣١ ، دلائل النبوة ١ : ٢٥ ، ٦ : ٥٤٩ ، الإحكام لابن حزم ٢ : ١٦١ ، الكفاية في علم الدراية : ٩.
اسم الکتاب : وضوء عبد الله بن عباس ودور السياسة في اختلاف النقل عنه المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 113