الحكم يتشخص بموضوعه ، فذلك الوجوب النفسي المنبسط على الأجزاء بالأسر لتشخصه بها زال قطعا ، والمتشخص بالاجزاء الباقية لو كان لكان وجوبا آخر ، فلا بد من المسامحة حينئذ.
ومنه يتضح ما في الوجه الرابع ، مع وحدة الملاك أو تعدده ، فان الارادة أيضا تتشخص بموضوعها ، فلا محالة هي إرادة أخرى.
نعم بقاؤها لموضوعها بملاك آخر لا ينافي الوحدة الاتصالية ، لابقائها لغير موضوعها سواء كان بعين ذلك الملاك أو بغيره ، فتدبر جيّدا.
١١٥ ـ قوله (قدس سره) : ودلالة الأول مبنية على كون كلمة [١]... الخ.
لا يخفى عليك أن كلمة ( من ) إما تبعيضية أو بيانية أو بمعنى الباء.
ولفظ ( بشيء ) إما أن يراد منه المركب أو العام ، أو الكلي.
وكلمة ( ما ) في قوله عليه السلام : ( ما استطعتم ) إمّا ان يراد منها الموصولة أو المصدرية الزمانية.
ولا ريب أنه لا معنى لكون كلمة ( من ) بيانية ، لأن مدخولها الضمير ، ولا يمكن أن يكون بيانا لشيء ، كيف وهو مبهم ، وكونها بمعنى الباء غير متعين ، لأن الاتيان يتعدى بنفسه تارة وبالباء أخرى.
فمن الأول قوله تعالى : ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ )[٢] وقوله تعالى : ( وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً )[٣] ومن الثاني قوله تعالى : ( يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ )[٤].
ولفظ الشيء لا يكنى به عن المتعدد بل عن الواحد ، وإنما يكنى عن
[١] كفاية الأصول / ٣٧٠. [٢] النساء ١٥. [٣] الاحزاب ١٨. [٤] النساء ١٩.