ومنه تعرف أن الاذن في ترك الموافقة القطعية لا يفيد اشتمال غير الواقع على مصلحة بدلية ، إلاّ إذا رجع إلى الأمر باتيان الفرد الآخر.
وإلاّ فمجرد الترخيص يكشف عن مغلوبية المصلحة الداعية إلى الايجاب الواقعي ، فيزول العلم الاجمالي بالوجوب الفعلي.
ثم إنه بعد ما عرفت حال الترخيص في أطراف العلم الاجمالي في مقام الثبوت ، فهل الدليل في مقام الاثبات واف في نفسه بالترخيص في تمام الأطراف ، أو في بعضها ، ولو بنحو الجمع بينه وبين حكم العقل بقبح الاذن في المخالفة القطعية ، أم لا؟
فنقول : قوله (ع) : ( كل شيء يكون فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال أبدا حتى تعرف أنه حرام ) وشبهه مغيّا بالعلم [١].
وكذلك قوله (ع) : ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) [٢] وليس المغيّى معنونا بعنوان المشكوك والمشتبه ؛ ليقال : بأن الشك والاشتباه أعم من المجامع للعلم الاجمالي وغيره ، حتى يتوهم التعارض بين الغاية والمغيّى ، بل غاية ما يستفاد من الغاية كون المغيّى ما لم يعلم حكمه.
وحيث إن العلم أعم ، فكذا ما لم يعلم ، فلا يقتضي مقام الاثبات جريان قاعدة الحل في تمام الاطراف.
وقوله (ع) : ( الناس في سعة ما لا يعلمون ) [٤] واشباه ذلك.
[١] تهذيب الأحكام : ٧ / ٢٢٦ ، الكافي : ٦ / ٣٣٩ ، لكن مع فرق يسير في بعض الفاظ الحديث بين ما في الكتابين وبين ما في المتن. [٢] تهذيب الأحكام : ٧ / ٢٢٦. [٣] الخصال : ٤١٧. [٤] عوالي اللآلي : ١ / ٤٢٤ ، لكن فيه ما لم يعلموا وهو المصدر للحديث.