٤٦ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لكنه لا يخفى أنّ الداعي لو كان هو محبوبيته كذلك ... الخ ) [١].
توضيح المرام وتنقيح المقام : هو أنه لا ريب في أن كلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ؛ مثلا : إذا أراد الإنسان اشتراء اللحم فلا محالة يكون لغرض ، وهو طبخه ، والغرض من طبخه أكله ، والغرض منه إقامة البدل لما يتحلّل من البدن ، والغرض منه إبقاء الحياة ، والغرض منه إبقاء وجوده وذاته ، فغاية جميع الغايات للشوق الحيواني ذلك ، وإذا كان الشوق عقلانيا فغاية بقائه إطاعة ربّه والتخلّق بأخلاقه ، وينتهي ذلك إلى معرفته تعالى. فجميع الغايات الحيوانية ينتهي إلى غاية واحدة ، وهي ذات الشخص الحيواني ، وجميع الغايات العقلانية ففعليته ينتهي إلى غاية الغايات ومبدأ المبادي جل شأنه.
وكون كل غاية من الغايات ملائمة للذات ، ومقصودة بالعرض أو بالذات ، لا يتوقّف على الالتفات حتى يقطع بأنه ليس في كلّ فعل تصوّرات وتشوّقات متعاقبة ، فإنّ الغايات الحيوانية في الحيوان بما هو حيوان والغايات العقلانية في الإنسان بما هو إنسان ، صارت كالطبيعية [٢] لهما ، فلا يحتاج إلى فكر ورويّة وقصد تفصيلي.
هذا كله في الإرادة التكوينية.
[١] كفاية الاصول : ١٠٧ / ٢١. [٢] كذا في الأصل ، والأنسب هنا : كالطبيعة لهما ..