اسم الکتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية الجزء : 1 صفحة : 552
والله تعالى إذا فعل شيئاً كالإحراق ، مقارناً
بالشيء كالنار ، على سبيل العادة ، ظنّ الخلق أنّ النار علّة ، والإحراق أثره
ومعلوله ، وذلك الظنّ باطل.
وبعبارة أُخرى : اعتقد بعض الفلاسفة : بأنّ
الذات الإلهية المقدّسة ، ولكونها واحدة من كُلّ ناحية ، ولا تقبل الكثرة والتعدّد
، فلا يصدر منها سوى مخلوق مجرد واحد ، سمّوه « العقل الأوّل » ، واستندوا في
معتقدهم هذا على القاعدة المعروفة التي تقول : « الواحد لا يصدر منه إلاّ الواحد ».
وقد اعتمدوا لإثبات القاعدة على مسألة
السنخية بين العلّة والمعلول ، وقالوا : لولا ضرورة السنخية بين العلّة والمعلول ،
لأمكن أن يكون كُلّ موجود علّة لأيّ معلول ، لكن لزوم السنخية يحول دون هذا الأمر
، وعندما نقر بوجوب السنخية بين العلّة والمعلول ، يجب علينا أن نقرّ بأنّ العلّة
الواحدة من كُلّ ناحية تستلزم أن لا يكون لها أكثر من معلول واحد.
ويمكن الردّ على هؤلاء بعدّة طرق :
١ ـ على فرض صحّة هذا الاستدلال ، فإنّه
لا يفهم منه محدودية القدرة الإلهية ، بل هو تعالى قادر على كُلّ شيء ، لكن قدرته
بالنسبة للعقل الأوّل بدون واسطة ، وبالنسبة للموجودات الأُخرى مع وجود واسطة ، وكلاهما
يعتبران في حدود المقدور ، فما الفرق بين أن يباشر الإنسان عملاً معيّناً بيده ، أو
بوسيلة وأداة معيّنة من صنعه؟ فالفعل فعله في كلتا الحالتين.
٢ ـ ما قيل بخصوص قاعدة « الواحد لا
يصدر منه إلاّ الواحد » ، لا يصحّ تطبيقه على الفاعل المختار بنظر بعض المحقّقين.
٣ ـ بغضّ النظر عن ذلك فإنّ قانون « السنخية
بين العلّة والمعلول » محلّ إشكال حتّى في غير الفاعل المختار ، لأنّه لو كان
المراد من السنخية هو السنخية والتشابه من جميع الجهات ، فهو مستحيل التحقّق بين
واجب الوجود وممكن الوجود ، فالممكنات مهما تكن فهي متباينة مع واجب الوجود في
جهات كثيرة ، فلو اشترطنا السنخية التامّة وفي جميع الجهات ، فكيف
اسم الکتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية الجزء : 1 صفحة : 552