الغلوّ ظاهرة غير طبيعية تنمُّ عن الانحطاط الفكري والفساد العقيدي ، ومردّ هذا الفساد إلى عدم فهم الدين والابتعاد عن حقيقة العبودية للّه والانبهار بكرامات المخلوق دون معجزات الخالق.
وقد نشأ الغلو لأسباب عديدة ، منها الرواسب والآثار الفكرية المتسربة من الأديان السابقة ، وقد أشار الكتاب الكريم إلى وجود هذا الانحراف عند أهل الكتاب كما مرَّ في الآية المتقدّمة وفي قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللّه هُوَ المسِيحُ ابنُ مَريَمَ)[٢].
ومنها أسباب سياسية تهدف إلى التسلط على رقاب الناس وطلب الرئاسة والزعامة ، أو إلى الحط من مكانة الأشخاص الذين يغالون فيهم وتشويه سمعتهم والتقليل من شأنهم وتكفيرهم ، أو إلى اتهام إحدى الفرق بتأليه البشر لافساد عقيدتها وتشويه مبادئها وابعاد الناس عنها.
قال الإمام الرضا 7 : « إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ، وجعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا ، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا ، وقد قال اللّه عزَّ وجلَّ :
[١] بحار الانوار / المجلسي ٢٥ : ٢٩٧ / ٥٩ عن رجال الكشي ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت ط٢. [٢] سورة المائدة : ٥ / ١٧.
اسم الکتاب : مودّة أهل البيت وفضائلهم في الكتاب والسنّة المؤلف : الحكيم، السيد تقي يوسف الجزء : 1 صفحة : 127