بأضوائها ، وشفاء القلوب بها من أدوائها ، مأمونة من التحريف ، مصونة عن التصحيف. [١]
إنّ القرآن الكريم يشيد بالوحدة ، واتّفاق الكلمة والاعتصام بالعروة الوثقى ، ورفض التشتّت والتفرّق ، ويندّد بالاختلاف والفرقة ، يقول سبحانه : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )[٢].
فهذا المقطع من الآية الكريمة بإيجازها يتكفّل بيان أمرين :
١ ـ يأمر بتوحيد الكلمة والاعتصام بحبل الله.
٢ ـ يزجر عن التفرّق والتشتّت.
وهذان الأمران من الوضوح بمرتبة لا يختلف فيهما اثنان.
ومع الاعتراف بذلك كلّه فاختلاف الكلمة إنّما يضرّ إذا كان صادرا عن ميول وأهواء ، فهذا هو الّذي نزل الكتاب بذمّه في غير واحدة من آياته ، يقول سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ )[٣] ، ويقول : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ )[٤] ، فهؤلاء اختلفوا بعد ما تمّت عليهم الحجة وبانت لهم الحقيقة ، فهذا النوع من الاختلاف آية الأنانية أمام الخضوع للحقائق الراهنة.
وأمّا إذا كان الاختلاف موضوعيا نابعا عن حب تحرّي الحقيقة وكشف
[١] إبانة المختار لشيخ الشريعة الاصبهاني ، نقله عن بعض الأعاظم : ١٠. [٢] آل عمران : ١٠٣. [٣] الأنعام : ١٥٩. [٤] آل عمران : ١٠٥.