اسم الکتاب : معالم الإصلاح عند أهل البيت عليهم السلام المؤلف : الكعبي، علي موسى الجزء : 1 صفحة : 69
٥
ـ الجبر والتفويض والأمر بين الأمرين :
الجبر هو الاعتقاد بنسبة أفعال العباد
إلى الله تعالى ، ويقول المجبرة : ليس لنا صنع ، أي لسنا مخيرين في أفعالنا
التي نفعلها ، بل إننا مجبورون بإرادته ومشيئته تعالى ، وإنما تنسب
الأفعال إلينا على سبيل التجوّز ، لأننا محالّها ، وهذا يفضي إلى القول
بأنه تعالى يحاسبهم على أفعال أجبرهم عليها ، ومن هنا نسبوا الظلم إلى
الخالق ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، ويتبنى هذا الرأي الأشاعرة ،
غير أنهم أضافوا ( الكسب ) إلى الإنسان ، لذا عُرفوا بالجبرية المتوسطة.
والمفوضة يعتقدون أن الله سبحانه لا صنع له ولا دخل في أفعال العباد ، سوى
أنه خلقهم وأقدرهم ، ثم فوض أمر أفعالهم إلى سلطانهم وإرادتهم ، ولا دخل
لأي إرادة أو سلطان عليهم ، فأخرجوا الله تعالى عن سلطانه ، وأشركوا معه
غيره في الخلق ، ويتبنى هذا الرأي المعتزلة. ويذهب أهل البيت عليهمالسلام
مذهباً وسطاً بين الجبر والتفويض لا يتّصل بالجبر ولا بالتفويض ، وهو الأمر
بين الأمرين ، أو المنزلة بين منزلتين ، فأفعالنا هي تحت مقدورنا
واختيارنا ، وهي مقدّرة لله تعالى.
عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله الصّادق
عليهالسلام
، قال : «
لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين. قال : قلت :
وما أمر بين أمرين ؟ قال : مثل ذلك مثل رجل رأيته
على معصية فنهيته فلم ينتهِ ، فتركته ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل
منك فتركته ، أنت الذي أمرته بالمعصية »[١].