وما يقال : إنّ كونه معصية كبيرة ، إنما هو على فرض التقصير في التحقيق وعدم حصول العلم ، وإلّا فلا يكلّف الله نفسا فوق معلومها ، مدفوع ، بأنّ قول الإمام عليهالسلام بكونها على الإطلاق كبيرة أوعد الله سبحانه عليها النار ، واستفاضة الآيات والأخبار على عقوبة المتّصف بهما وخلوده في النار ، مع ضرورة العقل بعدمه عند عدم التقصير والعلم بالخلاف ، منبئ عن عدم تخلف البصيرة في الإيمان وحصول الاعتقاد الصحيح عن بذل المجهود في تحقيق الدين ، ولا ينبّئك مثل خبير ، سيما مع اعتضاد ذلك بمثل قوله تعالى ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا )[١] وسائر الاعتبارات العقلية والشواهد الذوقية ، فليس لتعرض عدم التقصير وحصول الجزم بالخلاف الخالي عن شبهة الترديد ، مع تذكر الخلاف مورد أصلا. وثانيا بما ذكره والدي العلّامة [٢] بأنّه لا يقول أحد بعدالة غير المؤمن أو الكافر الذي لم يعلم في حقّه بذل الجهد في تحقيق الدين ، بحيث لم يمكن فوق ذلك ، وحصول العلم لنا في حقّ المخالف أو الكافر أنّه باذل جهده وسعيه ، وحصل له العلم بحقّية دينه ، إمّا غير ممكن ، أو نادر جدّا.
ومنها : أنّ مقتضى كثير مما تقدّم من الأخبار ، سيما صحيح ابن أبي يعفور ، في قوله عليهالسلام[٣] : « ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى ، عليها النار وكفّ الجوارح » الظاهر في الكفّ عن محرّمات دين الإسلام « وبتعاهد الصلوات الخمس وحفظ مواقيتها » اشتراط الإسلام ، لعدم شموله للكافر وقوله عليهالسلام فيه : « وإذا سئل عنه في قبيلته ومحلّته قالوا ما رأينا منه إلّا خيرا » اشتراطه واشتراط الإيمان أيضا
[١] العنكبوت (٢٩) : ٦٩. [٢] مستند الشيعة ٢ : ٦٢٦. [٣] بحار الأنوار ٨٨ : ٣٧ ، الباب ٢ ، الحديث ١.