من بني فهر كانت
جميلة فأرادها على نفسها فامتنعت منه فأخاف زوجها وهو من بني مخزوم حتى توارى ثم
كسر باب دارها وأخذها إليه مدة ثم هربت منه ، ووثب علي بن محمد بن جعفر على غلام
أمرد وهو ابن قاضي مكة يقال له : إسحاق بن محمد ، وكان جميلا فأخذه قهرا فلما رأى
ذلك أهل مكة ومن بها من المجاورين اجتمعوا بالحرم واجتمع معهم كثير فأتوا محمد بن
جعفر فقالوا : لنخلعنك أو لنقتلنك أو لتردن إلينا هذا الغلام ، فأغلق بابه وكلمهم
من شباك وطلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه يأخذ الغلام وحلف لهم أنه لم يعلم بذلك
فأمنوه فركب إلى ابنه وأخذ الغلام منه وسلمه إلى أهله ، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى
قدم إسحاق بن موسى العباسي من اليمن ، فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر وأعلموه
ذلك وحفروا له خندقا وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم فقاتلهم إسحاق ثم كره القتال
، فسار نحو العراق فلقيه الجند الذين أنفذهم هرثمة إلى مكة ومعهم الجلودي ، وورقاء
بن جميل ، فقالوا لإسحاق : ارجع معنا ونحن نكفيك القتال ، فرجع معهم فقاتلوا
الطالبيين فهزموهم.
وأرسل محمد بن
جعفر بطلب الأمان فأمنوه ودخل العباسيون مكة في جمادى الآخرة وتفرق الطالبيون من
مكة ، وأما محمد بن جعفر فسار نحو الجحفة وأدركه بعض موالي بني العباس فأخذ جميع
ما معه وأعطاه دريهمات يتوصل بها ، فسار نحو بلاد جهينة فجمع بها وقاتل هارون بن
المسيب وأتى المدينة عند الشجرة وغيرها عدة دفعات فانهزم محمد وفقئت عينه بنشابة
وقتل من أصحابه جمع كثير ، ورجع إلى موضعه ، فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودي
ومن ورقاء بن جميل وهو ابن عم الفضل بن سهل فأمناه وضمن له ورقاء عن المأمون ، وعن
الفضل الوفاء بالأمان فقبل ذلك وأتى مكة لعشر بقين من ذي الحجة ، فخطب الناس وقال
: إنني بلغني أن المأمون مات وكان له في عنقي بيعة فبايعني الناس ثم إنه صح عندي
أنه حي صحيح وأنا أستغفر الله من البيعة ، قد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني
عليها كما خلعت خاتمي هذا من إصبعي فلا بيعة لي في رقابكم ثم نزل وسار سنة إحدى
اسم الکتاب : مرآة العقول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 6 صفحة : 91