« ما ينجو من الذنب » أي من أصل الذنب في الدنيا أو من عقوبته في الدارين إلا
من أقر بأنه ذنب فإن من أنكر
كونه ذنبا وكان مستحلا له فهو كافر لا يتوب ، ولا يستحق العفو ، ولو كان المراد
بالإقرار التوبة فيمكن أن يحمل على النجاة الكاملة أو النجاة قطعا واستحقاقا ، لأنه
مع عدم التوبة هو في مشية الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه ، فلا ينافي الحصر
ويمكن حمله على ما دل عليه الخبر الخامس : وكفى بالندم توبة ، ظاهره الاكتفاء
بالندم في التوبة ، ولا يشترط فيه العزم على الترك في المستقبل ، وهو خلاف المشهور
وسائر الأخبار إلا أن يحمل على الندم الكامل ، وهو مستلزم للعزم المذكور.
وقيل : إن الله
تعالى خلق القلب قابلا للمخاطرات الحسنة والمخاطرات القبيحة والأولى من الملك والثانية
من الشيطان ، ثم الثانية إذا أثرت في القلب حصل فيه شوق إلى الذنب وهو يوجب العزم
والعزم يوجب تحرك القدرة والقوة إليه ، وتحرك القدرة يوجب تحرك الأعضاء إليه فيصدر
منه الذنب ، وإذا أخذت بيده العناية الأزلية وأثرت فيه المخاطرات الحسنة وتحرك حصل
له علم بأن الذنوب سموم مهلكة حصل له شوق إلى قرب المبدأ والرجوع إليه ، وزال عنه
الشوق إلى الذنب ، فتحصل له ندامة عما كان فيه ، وهو المسمى بالتوبة ، فإذا زال
الشوق إلى
اسم الکتاب : مرآة العقول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 11 صفحة : 282