اسم الکتاب : مرآة العقول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 11 صفحة : 264
أنفسكم بها
لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله
خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر الله لهم إن المؤمن مفتن
البشرية والوساوس
الشيطانية ، والميل إلى الزهرات الدنيوية ، فإذا زالت عن العبد تلك الموانع دائما
يصير نورا صرفا وروحا محضا ، ويتصف بصفات الملائكة ، ويلتحق بالروحانيين ويصافحهم
، ويكون معهم ويمشي على الماء مثلهم.
وإن شئت توضيح ذلك
فنقول : أن للروح الإنساني منازل في السير إلى الله ، أولها المحسوسات ، وثانيها
المتخيلات ، وثالثها الموهومات ، ورابعها المعقولات ، وهو في هذا المنزل يمتاز عن
سائر الحيوانات ، ويرى فيه ما هو خارج عن عالم الحس والخيال والوهم ، ويعلم روح
الأشياء وحقائقها ، وله عرض عريض أوله أول عالم الإنسان ، وآخره عالم الملائكة بل
فوقه ، وهو معراج الإنسان وأعلى عليين له ، كما أن الثلاثة الأول أسفل السافلين له
، وأعظم أسباب معراجه قطع التعلق عن الدنيا والإعراض عنها بالكلية ، ثم الدوام على
هذه الحالة فإنه يوجب الوصول إلى حالة شريفة هي مرتبة عين اليقين ، وله في تلك
المرتبة قدرة على أفعال غريبة وآثار عجيبة بإذن الله تعالى ، كمصافحة الملائكة
والمشي على الماء والهواء وغيرها ، ومنه يعلم أن الكرامات غير منكرة من الأولياء
كما زعمه بعض العلماء.
« ولو لا أنكم تذنبون. » أقول : يدل على أن لله تعالى مصلحة عظيمة في هذا النوع من
الخلق ، لتظهر غفاريته ولطفه ورحمته ، بل الظاهر أن هذا سبب لرفعة درجاتهم وتضاعف
كمالاتهم ، ولا ينافي ذلك عدم صدور تلك الأفعال وظهور تلك الآثار منهم ، كما أن
أكثر أفراد المؤمنين أفضل من كثير من الملائكة مع ظهور تلك الأمور من الملائكة
دونهم ، ولا يبعد أن يكون التلوث بالخطيئات سببا للتذلل والخضوع ورفع الدرجات ، حتى
أن أكثر الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ابتلوا بارتكاب ترك الأولى والمكروهات ، فارتقوا بعد ذلك
إلى أعالي الدرجات ، كما يومئ إليه قوله
اسم الکتاب : مرآة العقول المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 11 صفحة : 264