الرابع : أن يتعلق الأمر في دليل المقيد بالقيد بما هو كما هو الغالب في باب المستحبات ، مثلاً ورد في استحباب زيارة الحسين عليهالسلام مطلقات وورد في دليل آخر استحباب زيارته عليهالسلام في أوقات خاصة كليالي الجمعة وأوّل ونصف رجب ، ونصف شعبان ، وليالي القدر وهكذا ، ففي مثل ذلك هل يحمل المطلق على المقيد؟
الظاهر أنّه لا يحمل عليه ، والسبب فيه : أنّ الموجب لحمل المطلق على المقيد في الواجبات هو التنافي بين دليل المطلق والمقيد ، حيث إنّ مقتضى إطلاق المطلق ترخيص المكلف في تطبيقه على أيّ فرد من أفراده شاء في مقام الامتثال ، وهو لا يجتمع مع كونه ملزماً بالاتيان بالمقيد ، وهذا بخلاف ما إذا كان دليل التقييد استحبابياً فانّه لا ينافي إطلاق المطلق أصلاً ، لفرض عدم إلزام المكلف بالاتيان به ، بل هو مرخّص في تركه ، فاذا لم يكن تنافٍ بينهما فلا موجب لحمل المطلق على المقيد ، بل لا بدّ من حمله على تأكد الاستحباب وكونه الأفضل ، وهذا هو الفارق بين الواجبات والمستحبات.
ومن هنا يظهر أنّ دليل المطلق إذا كان متكفلاً لحكم إلزامي دون دليل المقيد فلا بدّ من حمله على أفضل الأفراد أيضاً بعين الملاك المزبور. فالنتيجة : أنّ دليل المقيد إذا كان متكفلاً لحكم غير إلزامي فلا بدّ من حمله على الأفضل ، سواء أكان دليل المطلق أيضاً كذلك أو كان متكفلاً لحكم إلزامي ، والسر فيه ما عرفت من عدم التنافي بينهما أبداً.
بقي هنا شيئان :
أحدهما : أنّ الاطلاق في مقام الاثبات يكشف عن الاطلاق في مقام الثبوت ،