وبالجملة : كان بناء العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هاهنا بخلاف هناك ، ولعلّه لما أشرنا إليه من التفاوت بينهما بالقاء حجتين هناك تكون قضيتهما بعد تحكيم الخاص وتقديمه على العام كأ نّه لم يعمّه حكماً من رأس ، وكأ نّه لم يكن بعام ، بخلاف هاهنا ، فانّ الحجة الملقاة ليست إلاّواحدة ، والقطع بعدم إرادة إكرام العدو في أكرم جيراني مثلاً لا يوجب رفع اليد عن عمومه إلاّ فيما قطع بخروجه عن تحته ، فانّه على الحكيم إلقاء كلامه على وفق غرضه ومرامه فلا بدّ من اتباعه ما لم تقم حجة أقوى على خلافه. بل يمكن أن يقال إنّ قضية عمومه للمشكوك أنّه ليس فرداً لما علم بخروجه من حكمه بمفهومه فيقال في مثل لعن الله بني اميّة قاطبة أنّ فلاناً وإن شك في إيمانه يجوز لعنه لمكان العموم ، وكل من جاز لعنه لا يكون مؤمناً فينتج أنّه ليس بمؤمن ، فتأمل جيداً [١].
نلخّص ما أفاده قدسسره في عدة خطوط :
١ ـ أنّ المخصص اللبي قد يكون كالمخصص اللفظي المتصل ، يعني يكون مانعاً عن انعقاد ظهور العام في العموم.
٢ ـ أنّه قد يكون كالمنفصل اللفظي ، يعني لا يكون مانعاً عن انعقاد ظهوره في العموم ، ولكنّه يفترق عنه في نقطة وهي أنّ المخصص المنفصل إذا كان لفظياً فهو مانع عن التمسك بالعام في الفرد المشتبه ، وأمّا إذا كان لبياً فهو غير مانع عنه ، والنكتة في ذلك : هو أنّ الأوّل يوجب تقيّد موضوع العام بعدم عنوان المخصص من باب تحكيم الخاص على العام ، وعليه فاذا شك في فرد أنّه من أفراد الخاص أو العام لم يمكن التمسك بالعام لاحراز أنّه من أفراده كما عرفت