هذا الموضوع كالابل المعلوفة كما نسب ذلك إلى بعض الشافعية [١] فنفى وجوب الزكاة عن الابل المعلوفة استناداً إلى دلالة وصف الغنم بالسائمة على انتفاء حكمها ، يعني وجوب الزكاة عن فاقد هذا الوصف مطلقاً ولو كان موضوعاً آخر ، ووجه عدم دلالته على ذلك واضح ، لما عرفت من أنّ معنى دلالته على المفهوم هو انتفاء الحكم عن الموصوف المذكور في القضية بانتفائه ، وأمّا غير المذكور فيها فلا يكون فيه تعرض لحكمه لا نفياً ولا إثباتاً ، فما نسب إلى بعض الشافعية لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً.
وبعد ذلك نقول : إنّ الصحيح هو عدم دلالة الوصف على المفهوم ، بيان ذلك : أنّ دلالة القضية على المفهوم ترتكز على أن يكون القيد فيها راجعاً إلى الحكم دون الموضوع أو المتعلق ، وبما أنّ الوصف في القضية يكون قيداً للموضوع أو المتعلق دون الحكم فلا يدل على المفهوم أصلاً ، فانّ ثبوت الحكم لموضوع خاص لا يدل على نفيه عن غيره ، ضرورة أنّ ثبوت شيء لشيء لا يدل بوجه على نفيه عن غيره ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الموضوع شيئاً واحداً كاللقب أو كالوصف غير المعتمد على موصوفه أو يكون مقيداً بقيد كالموصوف المقيد بوصف خاص ، فانّ ملاك عدم الدلالة على المفهوم في الجميع واحد ، وهو أنّ ثبوت حكم لموضوع خاص وإن كان مركباً أو مقيداً لا يدل على نفيه عن غيره ، فلا فرق بين قولنا : أكرم رجلاً وأكرم رجلاً عادلاً ، حيث إنّهما يشتركان في نقطة واحدة وهي الدلالة على ثبوت الحكم لموضوع خاص ، غاية الأمر أنّ الموضوع في الجملة الثانية مقيد بقيد خاص فتدل على ثبوت الحكم له ولا تدل على نفيه عن غيره كما إذا كان الموضوع واحداً.