أنّ متعلق النهي في هذا القسم مغاير لمتعلق الأمر ، لا يمكن المساعدة عليه من وجوه :
الأوّل : أنّ هذا خلاف مفروض الكلام في المقام ، فانّه فيما إذا كان متعلق الأمر والنهي واحداً لا متعدداً ، وإلاّ فلا كلام فيه ، ضرورة أنّ محل البحث والكلام هنا بين الأصحاب في فرض كون متعلقهما واحداً ، وأمّا إذا كان متعدداً فهو خارج عن محل الكلام والبحث ، ولا إشكال فيه أصلاً.
الثاني : أنّ ما أفاده قدسسره خلاف ظاهر الدليل ، لوضوح أنّ الظاهر من النهي عن الصوم في يوم عاشوراء هو أنّه متعلق بذات الصوم وأ نّه منهي عنه ، ودعوى أنّه متعلق بجهة التعبد به لا بذاته خلاف الظاهر ، فلا يمكن الالتزام به بلا قرينة وشاهد. وكذا الحال في النهي المتعلق بالنوافل المبتدأة في بعض الأوقات ، فانّ الظاهر منه هو أنّه متعلق بذات تلك النوافل ، وأ نّها منهي عنها لا بجهة التعبد بها ، ضرورة أنّ حمل النهي على ذلك خلاف الظاهر ، فلا يمكن أن يصار إليه بلا دليل.
الثالث : أنّا لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ النهي متعلق بجهة التعبد بها وإتيانها بقصد القربة لا بذاتها ، فمع ذلك لا يتم ما أفاده قدسسره ، والوجه فيه ما حققناه من أنّ قصد القربة كبقية أجزاء العبادة مأخوذ في متعلق الأمر ، غاية الأمر أنّه على وجهة نظره قدسسره مأخوذ في متعلق الأمر الثاني دون الأمر الأوّل ، وعلى وجهة نظرنا مأخوذ في متعلق الأمر الأوّل.
وعلى هذا الضوء فدعوى أنّ النهي في هذه الموارد تعلق بجهة التعبد بالعبادات لا بذاتها ، لاتدفع محذور لزوم اجتماع الضدين في شيء واحد ، ضرورة أنّ قصد القربة إذا كان مأخوذاً في متعلق الأمر يستحيل أن يتعلق به النهي ، لاستحالة كون شيء واحداً مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه معاً.