الثالث : التفصيل بين ما إذا أوقع العبد العقد لنفسه وما إذا أوقع فضولةً ومن قبل غيره ، فانّه على الأوّل فاسد مطلقاً دون الثاني. هذه هي الأقوال في المسألة.
أمّا القول الأوّل : فانّه في غاية الصحة والمتانة ولا مناص عن الالتزام به ، وذلك لأنّه مضافاً إلى أنّ صحته بالاجازة على طبق القاعدة ، قد دلّت عليها روايات الباب بالصراحة ، وسيأتي توضيح ذلك في ضمن البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.
وأمّا القول الثاني : فهو واضح البطلان ، فانّه مضافاً إلى أنّ الالتزام به بلا موجب ، خلاف صريح الروايات المشار إليها.
وأمّا القول الثالث : فقد اختاره شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره[١] ونسبه إلى الشيخ التستري قدسسره ونسبه شيخنا الاستاذ قدسسره[٢] إلى المحقق القمي قدسسره وكيف كان ، فقد ذكر في وجهه : أنّ العقد الصادر منه لنفسه لا يمكن تصحيحه باجازة المولى المتأخرة ، لفرض أنّه من حين صدوره يقع فاسداً ، ومن الطبيعي أنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه ، فاذن كيف يعقل انقلابه من الفساد إلى الصحة بالاجازة المتأخرة ، وهذا بخلاف العقد الصادر منه لغيره فانّه وإن كان فضولياً حيث إنّه بدون إذن سيده إلاّ أنّ السيد إذا أجازه جاز ، نظراً إلى استناده إلى من له العقد من هذا الحين ـ أي من حين الاجازة ـ فتشمله الاطلاقات والعمومات ، والسر في ذلك : هو أنّ هذا العقد لم يقع من الأوّل فاسداً ، بل فساده كان مراعىً بعدم إجازة المولى ، نظير بقية العقود الفضولية ، فاذا أجاز صحّ.