وأمّا الدعوى الثانية : وهي جريان البراءة في القسم الأخير من الأقسام المتقدمة ، فلأنّ الشك فيه يرجع إلى الشك في كيفية جعل التكليف ، وأ نّه تعلق بالجامع أو بخصوص فرد خاص ، كما لو شككنا في أنّ وجوب كفارة الإفطار العمدي في شهر رمضان متعلق بالجامع بين صوم شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً ، أو متعلق بخصوص صوم شهرين ، وحيث إنّ مرجع ذلك إلى الشك في إطلاق التكليف وعدم أخذ خصوصية في متعلقه ، وتقييده بأخذ خصوصية فيه ، والإطلاق والتقييد على ما ذكرناه وإن كانا متقابلين بتقابل التضاد ، إلاّ أنّ التقييد بما أنّ فيه كلفة زائدة فهي مدفوعة بأصالة البراءة عقلاً ونقلاً ، وهذا بخلاف الاطلاق حيث إنّه ليس فيه أيّة كلفة لتدفع بأصالة البراءة ، فإذن ينحل العلم الاجمالي بجريان الأصل في أحد طرفيه دون الآخر ، وتفصيل الكلام في ذلك في بحث البراءة والاشتغال [١] والغرض من التعرّض هنا الاشارة إلى عدم صحة ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من الأخذ بالاحتياط في دوران الأمر بين التعيين والتخيير مطلقاً.
وأمّا المقام الثاني : وهو ما إذا كان الواجبان المتزاحمان متساويين ولم تحتمل أهمّية أحدهما على الآخر أصلاً ، أو احتملت أهمّية كل منهما بالاضافة إلى الآخر ، فلا مناص من الالتزام بالتخيير فيه ، ضرورة أنّه لا يجوز رفع اليد عن كليهما معاً فهذا لا كلام فيه ، وإنّما الكلام في أنّ هذا التخيير عقلي أو شرعي.
وقد اختار شيخنا الاستاذ قدسسره[٢] في المقام أنّ التخيير عقلي على