فالنتيجة : أنّه كلّما وقع التزاحم بين واجبين طوليين بأن يكون أحدهما متقدماً على الآخر زماناً ، فلا إشكال في تقديم السابق على اللاّحق ، ولا يفرق فيه بين أن يكون الواجب اللاّحق أهم من السابق أم لا ، فانّ الملاك في الجميع واحد ، وهو أنّ الواجب اللاّحق حيث إنّه لا يكون فعلياً في هذا الحال فلا يكون مانعاً عن فعلية وجوب السابق ، وعليه فلا يجوز ترك صلاة الصبح في وقتها قائماً مقدمة لحفظ القدرة على صلاة الظهر كذلك ، وهذا واضح.
ولكن ذكر شيخنا الاستاذ قدسسره[١] أنّ هذا المرجح إنّما يكون مرجحاً فيما إذا لم يكن هناك جهة اخرى توجب تقديم أحد الواجبين على الآخر ولو كان متأخراً عنه زماناً ، ومثّل لذلك بما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر أو ما شابهه ، فانّ النذر وإن كان سابقاً بحسب الزمان على أشهر الحج ، كمن نذر في شهر رمضان مثلاً المبيت ليلة عرفة عند مشهد الحسين عليهالسلام وبعد ذلك عرضت له الاستطاعة ، فانّه مع ذلك يقدّم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر.
وأفاد في وجه ذلك : أنّ وجوب الوفاء في أمثال هذه الموارد مع اشتراطه بالقدرة شرعاً مشروط بعدم استلزامه تحليل الحرام أيضاً ، والوفاء بالنذر هنا حيث إنّه يستلزم ترك الواجب في نفسه ، مع قطع النظر عن تعلق النذر به ، فلا تشمله أدلة وجوب الوفاء به ، فاذن ينحل النذر بذلك ، ويصير وجوب الحج فعلياً رافعاً لموضوع وجوب الوفاء بالنذر وملاكه.
ثمّ أورد على نفسه بأنّ وجوب الوفاء بالنذر غير مشروط بالقدرة شرعاً ، وعليه فلا وجه لتقديم وجوب الحج المشروط بالقدرة شرعاً في لسان الدليل