ما إذا كان أحد الواجبين المتزاحمين مشروطاً بالقدرة شرعاً والآخر عقلاً ، فيقدّم ما كان مشروطاً بالقدرة عقلاً على ما كان مشروطاً بالقدرة شرعاً ، وبيان ذلك : أنّ الحكمين المتزاحمين لا يخلوان من أن يكون أحدهما مشروطاً بالقدرة شرعاً دون الآخر ، وأن يكون كلاهما مشروطاً بالقدرة شرعاً أو عقلاً ، فهذه أقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : وهو ما كانت القدرة مأخوذة في أحدهما شرعاً دون الآخر ،فقد ذكر شيخنا الاستاذ قدسسره[١] أنّ الواجب المشروط بالقدرة عقلاً يقدّم على الواجب المشروط بها شرعاً.
وأفاد في وجه ذلك : أنّ ملاك الواجب المشروط بالقدرة عقلاً حيث إنّه تام لا قصور فيه أصلاً فلا مانع من إيجابه بالفعل ، فاذا كان وجوبه فعلياً فلا محالة يكون موجباً لعجز المكلف عن الاتيان بالواجب الآخر ومانعاً عن ثبوت الملاك له ، لتوقفه على القدرة عليه عقلاً وشرعاً على الفرض ، وهذا بخلاف الواجب المشروط بالقدرة عقلاً ، فانّ ثبوت الملاك له لا يتوقف على شيء ما عدا القدرة عليه عقلاً ، والمفروض أنّها موجودة ، فاذن ليس لوجوبه بالفعل أيّة حالة منتظرة أصلاً.
وعلى الجملة : فالواجب المشروط بالقدرة شرعاً يتوقف وجوبه فعلاً على تمامية ملاكه ، والمفروض أنّها تتوقف على عدم فعلية الواجب الآخر ، ومع فعلية ذاك الواجب لا ملاك له ، لعدم القدرة عليه عندئذ شرعاً ، والمفروض أنّ