وأمّا المورد الثاني : فقد ذكرنا في بحث التعادل والترجيح [١] أنّ مرجحات باب التعارض تنحصر بموافقة الكتاب أو السنّة ، وبمخالفة العامة ، وليس غيرهما بمرجّح ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ الترجيح بهما يختص بالخبرين المتعارضين فلا يعم غيرهما من آيتين متعارضتين أو ظاهرين متعارضين أو إجماعين متعارضين ، بل لا يعم ما إذا كان أحد المتعارضين خبراً والآخر إجماعاً مثلاً.
فالنتيجة أنّ ها هنا دعاوى ثلاث :
الاولى : انحصار المرجّح بخصوص موافقة الكتاب أو السنّة ومخالفة العامة.
الثانية : أنّ غيرهما من صفات الراوي ونحوها ليس بمرجح.
الثالثة : أنّ الترجيح بهما يختص بالخبرين المتعارضين فلا يعمّ غيرهما.
أمّا الدعوى الاولى : فلأ نّهما قد وردتا في صحيحة قطب الراوندي عن الصادق عليهالسلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه » [٢] وقد ذكرنا هناك أنّ موافقة الكتاب والسنّة ومخالفة العامة من المرجحات ، وليستا في مقام تمييز الحجة عن اللاّ حجة ، كما تخيل المحقق صاحب الكفاية قدسسره[٣] بدعوى أنّ ما ورد من الروايات من أنّ الخبر المخالف للكتاب زخرف وباطل أو لم نقله أو اضربوه على الجدار