مرّة من أنّ الاهمال في الواقع ومقام الثبوت غير معقول ، فمتعلق الحكم في الواقع إمّا هو ملحوظ على وجه الاطلاق بالاضافة إلى جميع القيود حتّى القيود الثانوية ـ ومعنى الاطلاق عدم دخل شيء من تلك القيود فيه واقعاً ، لا أنّ جميعها دخيلة فيه ـ وإمّا هو ملحوظ على وجه التقييد ولا ثالث لهما ، وعليه فإذا استحال أحدهما وجب الآخر لانتفاء ثالث بينهما. وفي المقام بما أنّ تقييد متعلق الأمر بتقديري الفعل في الخارج أو الترك محال ، فلا محالة كان إطلاقه بالاضافة إليه واجباً.
وعلى هذا يترتب أنّ الأمر المتعلق بالأهم مطلق بالاضافة إلى حالتي وجوده وعدمه ، فعندئذ إذا كان الأمر بالمهم مشروطاً بعصيان الأهم وتركه في الخارج فلا محالة عند تركه يجتمع الأمران ، أمّا الأمر بالأهم فمن جهة الاطلاق كما عرفت ، وأمّا الأمر بالمهم فلتحقق شرطه ـ وهو ترك الأهم وعصيان أمره ـ ولكن مع ذلك فليس مقتضى الأمرين طلب الجمع بين الضدّين في زمن واحد ، لأنّ أحدهما في طول الآخر لا في عرضه. وعليه فلا يمكن أن يقع متعلقهما على صفة المطلوبية ولو تمكن المكلف من إيجادهما في الخارج.
أو فقل : إنّ طلب الجمع بين فعلين في الخارج يتصور على صور أربع ، وما نحن فيه ليس من شيء منها.
الاولى : ما إذا كان هناك أمر واحد تعلّق بالجمع بين فعلين على نحو يرتبط كل منهما بالآخر ثبوتاً وسقوطاً ، كما إذا تعلّق الأمر بالجمع بين الكتابة والجلوس مثلاً.
الثانية : ما إذا تعلّق أمران بفعلين على نحو يكون متعلق كل من الأمرين مقيداً بحال امتثال الأمر بالآخر ، كما إذا أمر المولى بالصلاة المقارنة لامتثال الأمر بالصوم وبالعكس.