الثاني. وتارةً اخرى يقع في الشك فيه بالمعنى الأوّل. فهنا مقامان :
أمّا الكلام في المقام الأوّل فيقع في مسائل ثلاث :
الاولى : ما إذا ورد خطاب من المولى متوجهاً إلى شخص أو جماعة وشككنا في سقوطه بفعل الغير ، فقد نسب إلى المشهور أنّ مقتضى الاطلاق سقوطه وكونه واجباً توصلياً ، من دون فرق في ذلك بين كون فعل الغير بالتسبيب أو بالتبرع ، أو بغير ذلك. وقد أطال شيخنا الاستاذ قدسسره[١] الكلام في بيانهما ، ولكنّا لا نحتاج إلى نقله ، بل هو لا يخلو عن تطويل زائد وبلا أثر حيث نبيّن الآن إن شاء الله تعالى أنّ مقتضى الاطلاق ـ لو كان ـ هو عكس ما نسب إلى المشهور ، وأ نّه لايسقط بفعل غيره ، بلا فرق بين كونه بالتسبيب أو بالتبرع ، والسبب في ذلك : أنّ التكليف هنا بحسب مقام الثبوت يتصوّر على أحد أشكال :
الأوّل : أن يكون متعلقه الجامع بين فعل المكلف نفسه وفعل غيره ، فيكون مردّه إلى كون الواجب أحد فعلين على سبيل التخيير.
وفيه : أنّ هذا الوجه غير معقول ، وذلك لأنّ فعل الغير خارج عن اختيار المكلف وإرادته ، فلا يعقل تعلّق التكليف بالجامع بينه وبين فعل نفسه.
وبكلمة اخرى : أنّ الاطلاق بهذا الشكل في مقام الثبوت والواقع غير معقول ، لفرض أنّه يبتني على أساس إمكان تعلّق التكليف بفعل الغير وهو مستحيل ، فإذن بطبيعة الحال يختص التكليف بفعل المكلف نفسه فلا يعقل إطلاقه.
أو فقل : إنّ الاهمال في الواقع غير معقول ، فيدور الأمر بين الاطلاق وهو تعلّق التكليف بالجامع ، والتقييد وهو تعلّق التكليف بحصّة خاصّة ، وحيث إنّ
[١] أجود التقريرات ١ : ١٤٧ وما بعدها ، فوائد الاصول ١ : ١٣٩ ـ ١٤٣.