الذي تعلّق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص ، فكل واحد من أهل أيّ لغة متعهد في نفسه متى ما أراد تفهيم معنى خاص ، أن يجعل مبرزه لفظاً مخصوصاً.
مثلاً التزم كل واحد من أفراد الامّة العربية بأ نّه متى ما قصد تفهيم جسم سيّال بارد بالطبع أن يجعل مبرزه لفظ الماء ، ومتى قصد تفهيم معنى آخر أن يجعل مبرزه لفظاً آخر ، وهكذا.
فهذا التعهد والتباني النفساني بابراز معنى خاص بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيمه ، ثابت في أذهان أهل كل لغة بالاضافة إلى ألفاظها ومعانيها بنحو القوّة ، ومتعلق هذا التعهد أمر اختياري وهو التكلم بلفظ مخصوص عند قصد تفهيم معنى خاص.
ثمّ إنّ ذلك ثابت بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له بنحو القضيّة الحقيقية.
نعم ، في مرحلة الاستعمال يوجد المستعمل فرداً منه في استعمال ، وفرداً آخر منه في استعمال آخر ، وهكذا.
وبهذا يندفع إشكال الدور الذي قد يتوهم هنا ، بتقريب أنّ تعهد ذكر اللفظ عند قصد تفهيم المعنى ، يتوقف على العلم بأ نّه وضع له ، فلو فرض أنّ الوضع عبارة عن ذلك التعهد لدار.
وتوضيح الاندفاع : أنّ ما يتوقف على العلم بالوضع إنّما هو التعهد الشخصي الفعلي الثابت في مرحلة الاستعمال ، دون التعهد الكلي النفساني المتعلق بذكر طبيعي اللفظ عند إرادة تفهيم طبيعي المعنى بنحو القضيّة الحقيقية ، وقد عرفت أنّ حقيقة الوضع عبارة عن ذلك التعهد ، ومن الظاهر أنّه لا يتوقف على شيء ، فظهر أنّ منشأ التوهم خلط المتوهم بين التعهد في مرحلة الاستعمال والتعهد في مرحلة الوضع ، والذي يتوقف على الثاني هو الأوّل دونه.
وبتعبير آخر : أنّ حال الألفاظ حال الاشارت الخارجية ، فكما قد يقصد