اسم الکتاب : متشابه القرآن المؤلف : القاضي عبد الجبار الجزء : 1 صفحة : 731
حتى يصح اللطف فيه. ولذلك قلنا إن من قال فى قدرة الإيمان : إنها لطف ، فقد أخطأ فى المعنى والعبارة ، لأن اللطف : ما يجوز عنده الفعل والترك ، ولا يعقل منه فى الشاهد إلا ذلك ، لأن القائل إذا قال : لقد لطفت لفلان فى أكل طعامى ، لم يعقل من ذلك إلا أنه فعل ما عنده يختار الأكل على الترك ، مع صحة الأمرين ، ولذلك يقال : إنى لطفت للغلام فيما لحقه من الوجع بالضرب ، إذا كان [ ذلك ] مما يجب كونه.
فإذا صح ذلك ، وجب أن يكون سائر أنواع التمكين حاصلا فى المكلف حتى يصح اللطف عليه ، ثم يلطف له فى الوجوه التى بيناها ، ويجنب وجوه المفاسد التى قدمنا ذكرها. ولذلك قلنا : إن ابتداء التكليف لا يكون لطفا ، لأن معه يصح التمكين. وجوزنا فى تكليف زيد أن يكون لطفا لعمرو ، وفى تكليف بعض الأفعال أن يكون لطفا فى غيره. فعلى هذا الوجه يجب أن يعتبر هذا الباب.
اعلم أنه تعالى إذا علم أن عند دليل مخصوص ، يختار المكلف ما يختاره ، ولولاه كان لا يختار ، وإن كانت الأدلة قد تقدمت ، فإن تلك الأدلة توصف بأنها لطف له. [ و ] على هذا الوجه قلنا فى كثير من المعجزات : إنها ألطاف لمن المعلوم من حاله ما ذكرناه ، لكنه لا يعد لطفا له إلا إذا كان متمكنا من معرفة صدقه ، عليهالسلام ، بغير تلك الدلالة ، لكنه يعلم من حاله أنه يعرض عن ذلك ، فلا يستدل بها ويستدل بهذه ، فتكون لطفا له ، على ما بيناه. فإن كانت الأمور التى كلف العبد ما هذا حاله سوى المعجزات ، فيجب أن يقال فيه بمثل هذا القول ، لكن هذا الوجه إنما يصح فى الأمر الذى يعتوره الأدلة. فأما إذا