اسم الکتاب : متشابه القرآن المؤلف : القاضي عبد الجبار الجزء : 1 صفحة : 708
ومن سورة الفلق
٨٨٧ ـ قوله تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ) [ ١ ـ ٢ ] لا يصح أن يتعلق به فى أنه تعالى يفعل الشرّ والمعاصى ؛ لأن المراد بالآية التعويذ به من شر ما خلقه من المؤذيات ، كالحيات والعقارب وغيرها. وما لم يحمل على هذا الوجه يتناقض الكلام ، ويصير كأنه قال تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) من شره!! وإنما يجوز أن يستعاذ به من شر غيره ، ولذلك عطف عليه بشر ما خلقه ، فقال : ( وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ) [ ٣ ـ ٤ ] وهذا القول لا يدل على أن النفاثات فى العقد ، اللاتى كن يعقدن على الخيوط وينفثن عليه ، كنّ ضارّات بالناس ، على غير الوجه الذى يصح من أحدنا أن يحتال فيه من أنواع المضرة ؛ على ما تقوله الحشوية فى أنهن كن يسحرن ، وأنهن سحرن رسول الله ، صلى الله عليه ، وذلك أن ظاهره إنما يقتضى ما قلناه ، لكنهن لما أوهمن بذلك الفعل ضروبا من الاحتيال فيما لا يصح منهن ، جاز أن يظن الناس فيهن المضرة العظيمة ، فأمر تعالى بالاستعاذة من شرهن ، كما أمر بالاستعاذة من شر الحاسد! فلا يدل ذلك على أن للعبد سبيلا إلى ما يذكرونه فى السحر.
* * *
اسم الکتاب : متشابه القرآن المؤلف : القاضي عبد الجبار الجزء : 1 صفحة : 708