responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : متشابه القرآن المؤلف : القاضي عبد الجبار    الجزء : 1  صفحة : 691

ومن سورة الشمس

٨٤٩ ـ قوله تعالى : ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) [٨] لا يصح أن يتعلق به ، فى أنه تعالى خلق فيها الفجور والتقوى ، لأن ظاهره يقتضى أنه أعلمها ، أو دلها على الفصل بين التقوى والفجور ، والطاعة والمعصية ؛ لكى يجتنب المعاصى ويقدم على الطاعة. وهو الذى نقوله ، ولا يصح إلا على قولنا : إن الإلهام والدلالة إنما يفيدان إذا كان العبد يختار ما يقتضيانه. فأما إذا كان تعالى يخلق فيه التقوى أو الفجور على وجه لا يصح منه خلافه. فكيف يفيد الإلهام والدلالة؟!

٨٥٠ ـ وقوله : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) [٩] لا يصح أن يتعلق به فى أنه تعالى فعل بها ما صارت به زكية ؛ لأن المراد بذلك : قد أفلح من زكّى نفسه ، وقد ذكر النفس من قبل [١].

والمراد بذلك لا يخرج من وجهين : أحدهما : أنه أفلح من أقدم على الأمور التى صار بها طاهرا زكيا ، وهذا صحيح لا شبهة فيه. أو يراد بذلك : قد أفلح من مدح نفسه وذكر محاسنها! وهذا مما يقال فيه : كيف يصح هذا وقد نهى الإنسان عن مدح نفسه وتزكيتها؟ والجواب عنه : أن المنهى عنه من ذلك هو إيراد المدح على جهة التفاخر والتطاول على الناس ، وإظهار التكبر ، والتشبث بذلك إلى ما لا يحل ولا يجوز. فإذا مدح نفسه ليحكى عن براءة ساحته فى المعاصى ويظهر ما يزيل عنه التهمة فى الإخلال بمعاصى الله ، أو ليعرف حقه ، ويؤدى ما يلزم من تعظيمه ، أو يعتمد عليه فى الأمور التى يستحقها وتليق به ، فذلك حسن فى الحكمة. وعلى هذا الوجه يحمل مدح الأنبياء والصالحين لأنفسهم فى المواقف التى أقدموا على ذلك فيها.


[١] قال تعالى : [ وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ] الآية : ٧.

اسم الکتاب : متشابه القرآن المؤلف : القاضي عبد الجبار    الجزء : 1  صفحة : 691
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست