قبل محاولة طرح نماذج من الأدلّة القرآنية الدامغة للعصمة المطلقة للأنبياء عليهمالسلام لابدّ من بيان أمر ، فقد يدّعى أن العصمة والبحث فيها ليست من الأفكار التي طرحها القرآن الكريم ، بل هي مسألة ترجع في جذورها إلى الاختلافات التي نشبت بين علماء الكلام في المسائل الاعتقادية ، وفي ضوء هذه الدعوى نستطيع أن نقرّر بأن الأمر ليس كما ذُكر ، إذ يكفي في ردّها القول إنّ القرآن الكريم قد صرّح بمسألة العصمة ونصّ عليها في غير مورد ، وهو ما نحن بصدد بيانه بعرض نماذج من الآيات الداعمة لذلك.
الآية الأُولى
قال تعالى : « وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ » [١].
الآية المباركة واضحة الدلالة على الملازمة بين الحقّ وبين الهادي إليه وهي تدلّ على ذلك ، قال الرازي : (لأنّه لا يخلو زمان ألبته عمّن يقوم بالحقّ ، ويعمل به ويهدي إليه ، وأنّهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل ...) [٢].