وبعد أن اتّضح أنّ الأحكام الظاهريّة خطابات لضمان ما هو الأهمّ من الأحكام الواقعيّة ومبادئها ، وليس لها مبادئ في مقابلها ، نخرج من ذلك بنتيجة وهي : أنّ الخطاب الظاهري وظيفته التنجيز والتعذير بلحاظ الأحكام الواقعيّة المشكوكة ، فهو ينجّز تارة ، ويعذّر أخرى.
الثمرة والفائدة من الأحكام الظاهريّة بعد أن عرفنا أنّها خطابات لتعيين الأهمّ من الملاكات الواقعيّة عند الاشتباه والشكّ والاختلاط وعدم التمييز ، والذي معناه كما قلنا أنّه ليس فيها مبادئ مستقلّة عن الحكم الواقعي ، هي أنّ الأحكام الظاهريّة وظيفتها التنجيز والتعذير فقط بمعنى أنّها تارة تؤدّي إلى تنجيز الأحكام الواقعيّة عند ما يكون مفادها إبراز الملاكات الإلزاميّة الواقعيّة وكونها الأهمّ ، وأخرى تؤدّي إلى التعذير والتأمين عند ما يكون مفادها أنّ الملاكات الترخيصيّة الواقعيّة هي الأهمّ.
فخبر الثقة مثلا والبراءة والاحتياط تؤدّي إلى التنجيز والتعذير بإبراز الملاك الواقعي الأهمّ ، ولذلك تكون المنجّزيّة والمعذّريّة من شئون الحكم الواقعي والعقل يحكم بهما تبعا للمبادئ الموجودة فيه دون الأحكام الظاهريّة ، فإنّه لا منجّزيّة ولا معذّريّة لها ؛ إذ لا مبادئ فيها ليحكم العقل بلزوم اتّباعها وإطاعتها ، ولذلك قال السيّد الشهيد :
وليس موضوعا مستقلاّ لحكم العقل بوجوب الطاعة في مقابل الأحكام الواقعيّة ؛ لأنه ليس له مبادئ خاصّة به وراء مبادئ الأحكام الواقعيّة ، فحين يحكم الشارع بوجوب الاحتياط ظاهرا يستقلّ العقل بلزوم التحفّظ على الوجوب الواقعي المحتمل واستحقاق العقاب على عدم التحفّظ عليه وعلى مخالفة نفس الحكم بوجوب الاحتياط بما هو.