بدأ تدوين الحديث عند أهل السنّة في
القرن الثاني الهجري بعد فترة انقطاع وجهل بمحتوياتها ، وفقدان أغلب موضوعاتها ، وقد
فرضت السلطات الحاكمة في ذلك الوقت قوانين وأحكام ، وأوجدت عرفاً معيّنا في أخذ
الحديث أو ردّه ; ولذلك قيّد تدوين الحديث عند أهل السنّة بما يتوافق مع مصالح
السلطة الحاكمة والفئات المتنفّذة.
وضغط الحكام على مدوّني الحديث ; من أجل
منع الحديث عن أهل بيت العصمة والنبوّة ، فمن كان كتابه يتماشى مع الأوامر التي هي
في مصلحة الحكومة ، صار من الكتب المعتمدة والصحيحة عندهم ، وما خالف ذلك ، تركوه
وأهملوه ; ولذلك لو نظرت إلى صحاح أهل السنّة ومسانيدهم خصوصا في صحيح البخاري ،
ومسلم ، فإنّك قلّما تجدهم يعتمدون الرواية عن أهل البيت سلام الله تعالى عليهم ،
أو عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام
، فلا نجد في كتاب البخاري مثلاً إلا حوالي عشرة إلى خمسة عشر حديثا يرويها أمير
المؤمنين ، وأغلب الظنّ عندي أنّ أغلبها موضوع للطعن على أهل البيت ، بينما تجد
أبا هريرة تتجاوز أحاديثه الستمائة في ذلك الكتاب ، مع أنّه لم يدرك من حياة رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
سوى سنتين فقط ، أيضاً الصحابة الذين أوفوا بعهدهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع وصيّه
كذلك لن تجدهم من الرواة المعتمدين عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
عند المدوّنين للسنّة النبويّة ، بينما تجدهم بالمقابل يعتمدون الرواية عن الصحابة
الذين ما لؤوا ونافقوا السلطة الحاكمة ،