ومن الحكم في غيبته عجّل الله فرجه ولعلها من أهم الحكم والاسرار هو تمحيص المؤمنين بهذه المحنة ، وابتلائهم بهذه الفتنة أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وهُمْ لا يُفْتِنُونَ[١]أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْ مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ والضَّرّاءُ وزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبُ[٢]حَتّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا[٣] والاخبار بهذا المعنى كثيرة وأن بطول مدة غيبته يمتاز الايمان الثابت من المستودع ، والمؤمن الخالص من المغشوش ، فهي غربلة وتصفية للمؤمنين ولِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويَمْحَقَ الْكافِرِينَ . [٤]
روى الصدوق رحمهالله عن الكاظم موسى عليهالسلام: « اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في اديانكم لايزيلكم عنها أحد يا بنيّ لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان بقول به ، انما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه ـ الى ان قال ـ يابنيّ عقولكم تصغر عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله ». وفي احتجاج الطبرسي في التوقيع الصادر من الناحية المقدسة على يد العمري : أما علّة ماوقع من الغيبة فان الله عزوجل يقول : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ[٥] انه لم يكن أحد من آبائي الا وقعتت في عنقه بيعة لطاغية زمانه واني أخرج ولابيعة لاحد من الطواغيت في عنقي.
وهناك اسرار وحكم أخرى لايتسع الوقت والمجال لبيانها ، على أن كل ذلك
[١] سورة ٢٩ آية : ٢. [٢] سورة ٢ آية : ٢١٤. [٣] سورة ١٢ آية : ١١٠. [٤] سورة ٣ آية : ١٤١. [٥] سورة ٥ آية : ١٠٢.