وتقواه او تقليداً للنبي الذي هو المثل الاعلى للامة الاسلامية ، والذى جعل بهذه الارتداء امثولة عزاء للفقير الذي لا يستطيع أن يلبس ثوبا يساوي ثمنه مأة ليرة عثمانية ونحوها ، كما استطاع الحسين عليهالسلامأن يلبس [١] مثل هذا الثواب ويهب خمسة على غرارة الى احد أتباعه من الفقراء ؟
ان هذه الرواية على ما فيها من استقراء في النقل تصور لنا الحسين مسرفاً طامعاً في خير الدنيا اكثر من خير الاخرة بينما لو رجعنا الى استقصاء ورع الحسين عليهالسلام وزهده وتقواه لوجدنا ذلك أنه لايتوفق ـ ورغبة الحسين في تضميد عواطف الفقراء المجروحة ، والترفيه على كل بائس محتاج ولو أن راويا عزى ذلك الى الحسن عليهالسلامالذي كان له ميل خاص وصفة خاصة بهذا الثراء الدنيوي لامكننا أن نصدق ذلك بدليل أن الحسن نشأ على الابهة والمجد في زمن جده وأبيه ، وأما الحسين عليهالسلامفمن المعروف عنه انه كان لايعرف قيمة الدنيا. ولو عرف بها قيمة لبايع يزيد ، وبذلك كا أضاف الى ثراه ثراء آخر يدفعه له يزيد بدلا عن تلك المبايعة التي كانت منعت هذه الحرب وذلك الهتك ؛ وحولت معنوية الحسين عليهالسلاممن رجل شريف نزيه حافظ على مبدء أجداده ومعنوية هذا المبدء الى رجل مادي عبث بكل شيء وخضع لكل شيء بتأثير المادة.
ورواية أخرى لاتتوافق صحته النقل ، وهي واردة بجواب سماحتكم من زيد بن أرقم قال اليزيد يوم كان يضرب رأس الحسين بعوده : ارفع عودك عن هاتين الشفتين فوالله طالما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقبلهما ، اذ انه من المعروف أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقبّل الحسين في نحره على اعتبار انه سيموت مقتولا ويقبّل الحسن عليهالسلامفي فمه على اعتبار أنه سيموت مسموماً ، فكيف تناقض المعنى الذي
[١] لم يلبس الحسين عليهالسلامتلك الثياب وانما كان يقتنيها ليعطيها.