ذكرها ـ ما يردده هو في موارد أخرى قائلا : ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق مخافة كلامي الذي تكلمت به .. إلى آخر ما هو مأثور عنه في هذه القضية [١] ...
مما يشعرنا بأن عمر نفسه كان يدرك بعد الموقف الذي وقفه ذلك اليوم إنها قصة عجيبة وغريبة ولكنها حقيقية ..
٢ ـ الصحابة ورزية يوم الخميس
ومجمل القصة أن الصحابة كانوا مجتمعين في بيت رسول الله قبل وفاته بثلاثة أيام ، فأمرهم أن يحضروا له الكتف والدواة ليكتب لهم كتابا يعصمهم من الضلالة ، ولكن الصحابة اختلفوا ومنهم من عصى أمره واتهمه بالهجر ، فغضب رسول الله وأخرجهم من بيته دون أن يكتب لهم شيئا ، وإليك شيئا من التفصيل :
قال ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله وجعه ، فقال : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر إن النبي قد غلبه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي كتابا لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي ، قال لهم رسول الله 9 ، قوموا عني ، فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم [٢] ولغطهم. هذه الحادثة صحيحة لا شك فيها ، فقد نقلها علماء الشيعة ومحدثوهم في كتبهم ، كما نقلها علماء السنة ومحدثوهم ومؤرخوهم ، وهي ملزمة لي على ما ألزمت به نفسي ومن هنا أقف حائرا في تفسير الموقف الذي وقفه عمر بن الخطاب من أمر رسول الله ، وأي أمر هو؟ أمر « عاصم من الضلالة لهذه الامة ، ولا شك أن هذا الكتاب كان فيه شيء جديد للمسلمين سوف يقطع عليهم كل شك ».
[١] السيرة الحلبية باب صلح الحديبية ج ٢ ـ ص ٧٠٦. [٢] صحيح البخاري ج ٣ باب قول المريض : قوموا عني.
صحيح مسلم ج ٥ ص ٧٥ في آخر كتاب الوصية.
مسند الامام أحمد ج ١ ص ٣٥٥ وج ٥ ص ١١٦.
تاريخ الطبري ج ٣ ص ١٩٣ ـ تاريخ ابن الاثير ج ٢ ـ ص ٣٢٠.