والمستفاد منها أنّ ثمّة خلقاً من البشر على امتداد خطّ البشريّة وحيثما كانوا مهمّتهم هداية الخلق ، وبسط العدل فيهم ، والفعل المضارع ( يَهْدُونَ ) شاهد على ذلك ، وللتدليل على هذا المعنى قال تعالى ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ )[١].
( وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ )[٢]( مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ )[٣] وغيرها من الدلائل والإشارات كقوله تعالى ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد )[٤]( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ )[٥]. فكلّها دلائل على عدم خلوّ الأمم على طول خطّ وجودها من منذر أو هاد.
وهذه الأمّة التي تهدي الناس إلى الحق ، وتبسط فيهم العدل إنّما يهدون بأمر من قبل الله. سبحانه وتعالى ، ولذا قال سبحانه ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )[٦] فجعل
[١] سورة آل عمران : ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٥. [٢] سورة الاعراف : ١٥٩. [٣] سورة المائدة : ٦٦. [٤] سورة الرعد : ٧. [٥] سورة البقرة : ١٢٨. [٦] سورة السجدة : ٢٤.