كلّ من وقف على ما سلف من هذه المقدّمة ، يعلم أنّه لا وجه للانكار علينا في مآتمنا المخصّة بسيد الشهداء عليهالسلام ، ضرورة انّه لا تشتمل الافي تلك المطالب الخمسة ، وقد عرفت اباحتها بالنسبة إلى مطلق الموتى من كافة المؤمنين وما أدري ، كيف يستنكرون مآتم انعقدت لمواساة النبي صلىاللهعليهوآله وأسّست على الحزن لحزنه؟ أيبكي بأبي هو واُمّي قبل الفاجعة ، ونحن لا نبكي بعدها؟ ما هذا شأن المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره ، إنّ هذا الاخروج عن قواعد المتأسّين ، بل عدول عن سنن النبيّين.
ألم يرو الامام أحمد بن حنبل من حديث عليّ عليهالسلام ، في ص ٨٥ من الجزء الأول من مسنده بالاسناد إلى عبد الله بن نجا ، عن أبيه انّه سار مع عليّ عليهالسلام ، فلمّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفّين نادى : صبراً أبا عبد الله ، صبراً أبا عبد الله بشطّ الفرات.
قال : قلت : وما ذاك؟
قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ، اغضبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان؟
عليه بما فعله الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي ، إذ مات لبيد بن ربيعة العامري الشاعر ، فبعث الوليد إلى منزله عشرين جزوراً ، فنحرت عنه ، كما نصّ عليه ابن عبد البر ، في ترجمة لبيد من الاستيعاب.