كما كانت عليه سيرة السلف وفعلته عائشة ، إذ وقفت على قبر أبيها باكية ، فقالت : كنت للدنيا مذلاً بإدبارك عنها ، وكنت للآخرة معزّاً باقبالك عليها ، وكان أجل الحوادث بعد رسول الله رزؤك ، وأعظم المصائب بعده فقدك. [١]
وفعله محمد بن الحنفية [٢] ، إذ وقف على قبر أخيه المجتبى عليهالسلام فخنقته العبرة ـ كما في أوائل الجزء الثاني من العقد الفريد ـ ثم نطق فقال : يرحمك الله أبا محمد ، فلئن عزّت حياتك فقد هدّت وفاتك ، ولنعم الروح روح ضمّه بدنك ، ولنعم البدن بدن ضمّه كفنك ، وكيف لا تكون كذلك وأنت بقيّة ولد الانبياء ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذّتك أكفّ الحقّ ، وربّيت في حجر الإسلام ، فطبت حيّاً وطبت ميّتاً ، وإن كانت انفسنا غير طيّبـة بفراقك ، ولا شاكّـة في الخيـار لك [٣].
[١] العقد الفريد ٢ : ٣٧. [٢] أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب ، والحنفية لقب اُمّه خولة بنت جعفر ، كان كثير العلم والورع ، شديد القوة ، توفي سنة ٨٠ هـ ؛ وقيل : ٨١ هـ. انظر : تنقيح المقال ٣ : ١١٥ ، وفيات الأعيان ٥ : ٩١. [٣] العقد الفريد ٢ : ٧٨.