والله لَأَن أبيتَ على حَسَك السعدان [١] مُسهّداً [٢] ، أو اُجَرّ في الأغلال مُصفّداً ، أحبّ إليَّ مِن أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، وغاصِباً لشيء من الحُطام ، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرع إلى البِلى قفولها [٣] ، ويطول في الثرى حلولها.
والله لقد رأيت عقيلاً [٤] وقد أملق حتى أستماحني [٥] مِن بُرّكم هذا صاعاً. ورأيت صبيانه شُعث الشعور [٦] ، غُبر الألوان من فقرهم [٧] كأنّما سُوّدَت وجوههم بالعِظلِم [٨] ، وعاودني مؤكداً ، وكرّر عليَّ القول مردّداً ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه ديني ، وأتّبع قياده مُفارقاً طريقتي ، فأحميتُ له حديدة ثم أدنيتها من
[١] كأنّه يريد من « الحسك » الشوك. والسعدان : نبت ترعاه الابل له شوك تشبه به حلمة الثدي. [٢] المسهّد ـ من سهّد ـ : إذا أسهره ، والمصفّد : المقيد. [٣] قفولها : رجوعها. [٤] عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ، أبو يزيد ، أعلم قريش بأيامها ومآثرها ومثالبها وأنسابها ، صحابي فصيح اللسان شديد الجواب ، وهو أخو علي وجعفر لأبيهما ، وكان أسنّ منهما ، هاجر إلى المدينة سنة ٨ هـ ، عمي في أواخر أيّامه ، توفي أوّل أيام يزيد ؛ وقيل : في خلافة معاوية.
انظر : الاصابة ترجمة رقم ٥٦٣٠ ، البيان والتبيين ١ : ١٧٤ ، الطبقات الكبرى ٤ : ٢٨.
[٥]قالرحمهالله : أملق : افتقر اشدّ الفقر ، واستماحني : استعطاني. [٦]قالرحمهالله : الشعث : جمع أشعث ، وهو من الشعر المتلبّد بالوسخ. [٧]قالرحمهالله : الغبر : جمع أغبر ، وهو متغيّر اللون شاحبة. [٨]قالرحمهالله : العظلم ـ كزبرج ـ سواد يصيغ به ؛ قيل : وهو النيلج.