فأخبرتها الخبر فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيه وقالت : إذا جئت مكّة فلك عشرة دنانير ، ثم قالت : أرني مصرعه فدللتها عليه ، فبقرت بطنه ، وأخرجت كبده فمضغتها ثمّ لفظتها ، وقطّعت مذاكيره ، وجدعت أنفه ، وقصّت اُذنيه ، ثمّ جعلت ذلك خلخالين ودملجين حتى قدمت بذلك مكّة وقدمت بكبده معها.
قال محمد بن إسحاق : ومن الشعر الذي ارتجزت به هند يوم اُحد :
شفيت من حمـزة نفسي باُحد
حين بقرت بطنـه عن الكبـد
أذهب عنّي ذاك ما كنـت أجد
من لوعة الحزن الشديد المعتمد
والحرب تعلوكم بشأ بوب برد
تقدم اقـداماً عليكـم كالأسـد
وجاءت صفيّة فجلست عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فجعلت إذا بكت يبكي رسول الله ، وإذا نشجت ينشج ، وجعلت فاطمة تبكي على عمّها ، فلمّا بكت بكى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
جعلت فداك يا رسول الله ، يا نبي الرحمة ، كيف بك لو رأيت عقائلك يوم عاشوراء وقد ذبح نصب أعينهن ثمانية عشر من حماتهن ، وسبعون من أنصارهن ، وليتك ترى كريمتكم زينب إذ وقفت على أخيها الحسين عليهالسلام حافية حاسرة ، ووجدته وهو ريحانتك مزمّلاً بالدماء ، موزّع الأعضاء ، عاري اللباس ، مقطوع الرأس ، مذبوحاً من القفا ، مفطور القلب من الظما ، فنادتك بصوت وقلب كئيب :
يا جدّاه يا رسول الله ، صلّى عليك مليك السما ، هذا حسينك بالعرا ، مزمّلاً بالدما ، مسلوب العمامة والردا ، ثم قالت :
بأبي من لا غائب فيرتجى ، ولا جريح فيداوى ، بأبي من نفسي له الفدا ،