بمقتله ، ولم يزل يقتل كلّ من حمل اللواء من بني عبد الدار حتى تفانوا عليه ، فحمله عبدٍ لهم يقال له : صواب ، وكان من أشدّ الناس ، فقطع أمير المؤمنين عليهالسلام يديه ، ثمّ ضربه على اُمّ رأسه فسقط صريعاً ، وانهزم المشركون ، وأكبّ المسلمون على الغنائم فطمعت الرماة في الغنيمة ، وفارقوا الشعب الذي أمرهم النبي صلىاللهعليهوآله بملازمته.
فأتى خالد بن الوليد في خيل المشركين من ورائهم وهم غافلون ، فكان البلاء ، وقُتل حمزة في سبعين رجلاً ، وفرّ الباقون ، وثبت علي وأبو دجانة [١] وسهل بن حنيف [٢].
وقاتل رسول الله صلىاللهعليهوآله قتالاً شديداً ، وكسرت يومئذ رباعيته ، وشقّت شفته ، وكلم في وجهه الشريف ، ودخل من حلق المغفر في جبهته الشريفة ، وعلاه ابن قمأة لعنه الله بالسيف ، فسقط ـ بأبي واُمّي ـ إلى الأرض ، وصاح المشركون : قتل محمد ، فأوغل المسلمون للهرب ، وكسر علي غمد سيفه ، وشدّ على جموع المشركين شدّة ما سمع السامعون بمثلها ، فكشفهم عن النبي صلىاللهعليهوآله فوجده على الأرض ، والدماء تسيل على وجهه الشريف ، وأبصر النبي صلىاللهعليهوآله جماعة من المشركين فقال : اكفنيهم يا
[١] هو سماك بن خرشة ، من الصحابة الأوائل الذين صمدوا مع الرسول صلىاللهعليهوآله في غزوة أحد ، عاش حتى شهد مع علي بن أبي طالب عليهالسلام صفين ؛ وقيل غير ذلك.
انظر : الاصابة ٢ : ٧٧ ، أسد الغابة ٢ : ٤٥٢ ، الاستيعاب ٢ : ٨٣ ـ ٨٤.
[٢] سهل بن حنيف بن واهب بن العُكيم الأوسي الأنصاري ، من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ، شهد بدراً والمشاهد كلّها مع الرسول صلىاللهعليهوآله وثبت يوم احد حين انهزم الناس ، وبايع يومئذ على الموت ، استخلفه علي على البصرة بعد الجمل ، وشهد معه صفين وتوفي في الكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلّى عليه أمير المؤمنين عليهالسلام.