اللعين ابن مرجانة : خذوه ، فجروه حتى ألقوه في بيت من بيوت الدار ، وأغلقوا عليه بابه وجعلوا عليه حرساً.
فقام حسّان بن أسماء بن خارجة إلى ابن زياد فقال : أرسل غدر ـ نحن ـ سائر اليوم أيّها الأمير ، أرسلتنا الى الرجل ، وأمرتنا أن نجيئك به ، حتى إذا جئناك به هشّمت وجهه ، وأسلت دماءه وزعمت انّك تقتله؟
فغضب ابن مرجانة وقال : وانك لها هنا ، ثم أمر به فضرب وقيّد وحبس.
فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون إلى نفسي انعاك يا هاني.
وبلـغ عمرو بن الحجاج أن هانياً قد قتل ، وكان هاني صهره على بنته رويحـة [١] ، فأقبل عمرو في مذحج كافة حتى أحاط بالقصر ، ونادى :
أنا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ، ولم تفارق جماعة ، وقد بلغنا أنّ صاحبنا قد قتل.
فأتاهم القاضي شريح [٢] ـ وكان مع ابن زياد في القصر حين دخل عليه هاني وفعل معه ما فعل ـ فأخبرهم بسلامته فرضوا بقوله وانصرفوا.
تبّاً لهم وترحاً ، لقد خطمهم [٣] ابن مرجانة بالذل ، وقادهم ببرة [٤] الهوان ، وعفّر وجوههم إذ هشّم وجه سيّدهم ، وأرغم آنافهم إذ كسر أنفهم ، وألقاهم في
[١] رويحة ابنة عمرو ، كانت اُمّ ولد للأشعث بن قيس الكندي ، وقد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد ، أعتقها الأسيد الحضرمي. انظر : الكامل في التاريخ ٤ : ٣١ ، اعلام النساء المؤمنات : ٣٦٣ ـ ٣٦٤. [٢] شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي ، أبو اُميّة ، توفي سنة ٧٨ هـ ، أصله من اليمن ، ولي قضاء الكوفة في زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية ، واستعفى في أيام الحجاج فأعفاه سنة ٧٧ هـ. انظر : الطبقات ٦ : ٩٠ ـ ١٠٠ ، وفيات الأعيان ١ : ٢٢٤. [٣] من خطم البعير : وهو أن يشدّ على أنفه حبل يقاد به. [٤] البرّة : حلقة تجعل في لحم أنف البعير ويشدّ إليها الزمام.