responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 235

الذي يدعى أمرا وأنت تنكره ـ متى كان هذا أفي ليل أم نهار ـ وتقديره لو كان لكان إما في ليل ، وإما في نهار ، ولما لم يوجد فيهما ثبت أنه ليس بموجود أصلا. فكذلك تقول في الآية فانها نفي لأصل الإذن لنفي أقسامه ، وذلك أبلغ في النفي. وكذلك قوله تعالى : ( أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ ) حصل الانكار هاهنا بنفس الالزام .. وكذلك قول الشاعر :

أتقتلني والمشرفيّ مضاجعي

واعلم أن الاستفهام بمعنى الانكار حاصله راجع إلى تثبيت السامع على فساد ذلك الشيء حتى يرجع إلى نفسه ، فيخجل ويرتد عنه ، فعلى هذا لا يتصور الاّ بالمحال على سبيل أن يقال له ـ أنت في دعواك كمن يدعي المحال ـ وعلى هذا جعل قوله تعالى : ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ) وليس اسماع الاسم مما يدعيه أحد فيكون لذلك الانكار ، وإنما المعنى فيه تنزيل من يحاول اسماعهم منزلة من يحاول اسماع الصم ، وإنما قدم الاسم في هذه الآية ولم يقل ـ أفتسمع الصم ـ لمعنى وهو اختصاصه صلى الله عليه وسلم كأنه تعالى قال له صلى الله عليه وسلم : أنت خصوصا تظن أنك تقدر على اسماعهم ، فتكون بمنزلة من ظن أن لنفسه قدرة على اسماع الصم .. واعلم أن حال المفعول في ذلك كحال الفاعل فاذا قدّمت المفعول توجه الانكار إلى كونه بمثابة أن يوقع به مثل ذلك الفعل فإذا قلت ـ أزيدا تضرب كان على هذا الحكم ولهذا قدّم ـ غير ـ في قوله تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ). ومن ذلك قوله تعالى : ( أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ ) وقد تقدم بيانه فانهم بنوا كفرهم على أن البشر ليس بمثابة أن يتبع ويطاع .. واعلم أن صيغة المستقبل إما أن يكون الاسم مقدما أو الفعل فإن كان الإسم مقدما اقتضى شبيها بما اقتضاه في الماضي بمطالبته من الاقرار بكونه فاعلا فالانكار لذلك.

اسم الکتاب : الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن وعلم البيان المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست