وقال السيّد عليّ الصائغ في شرحه على الإرشاد : إنّ دعوى الشيخ عليّ الإجماع دون ذلك خرط القتاد!
والقول الرابع : تحرم صلاة الجمعة في زمن الغيبة مطلقا. ونسب ذلك إلى ظاهر كلام السيّد المرتضى رضى الله عنه في بعض [١] وصريح سلّار [٢] وابن إدريس [٣] والشيخ إبراهيم البحراني من المتأخّرين [٤] ونقل أنّ عمدة الدليل اشتراط هذه الصلاة بالإمام أو من نصبه ، والفرض عدمه والمشروط عدم عند عدم شرطه. والثاني أنّ الظهر ثابتة في الذمّة بتعيّن ولا تبرأ إلّا بتعيّن مثله.
قال السيّد عليّ قدسسره : وهما في غاية الضعف ، أمّا الأوّل فأين الدليل عليه في زمن الحضور فضلا عن زمن الغيبة؟ وأمّا الثاني فهو عين العبارة ، بل في الحقيقة الأمر بالعكس ، لأنّ الثابت في الذمّة يوم الجمعة عند الزوال صلاة الجمعة. ثم إنّه قدسسره أطنب الكلام وتكلّم على أهل زمانه وأكثر النكير عليهم. وكذلك قبله شيخنا الشهيد الثاني في رسالته ، فما تقولون ـ رضي الله عنكم ـ في هذا القول أيضا؟
وأقول بعد ذلك : قد جاء في خاطري شيء اريد أن ابديه لكم ، وهو أنّه لو قيل بالوجوب العيني في زمن الغيبة ، فهل تجب المهاجرة من المحلّ الّذي لا يتمكّن المكلّف من الإتيان بها في ذلك المحلّ إلى محلّ آخر يمكن إقامتها أم لا؟ حتّى لو قيل : إنّها أفضل الفردين الواجبين هل تترجّح المهاجرة أيضا لأجل الإتيان بفرض من فروض الله عزوجل على الوجه الأرجح أم لا؟ ولا يعلم تأويل هذه الأقوال بالأدلّة القطعية إلّا العالمون ، وأنتم قد احطتم بكلّ خبرا ، فالمأمول منكم ـ أيّدكم الله تعالى ولطف بكم ـ بيان ذلك وافيا بالمقصود.
مسألة : ما قولكم يا مولانا ـ أيّدكم الله بأحسن تأييده ـ في تقصير المسافر في البريد ، وهو الأربع فراسخ؟ فإنّ فقهاءنا ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ قد اختلفوا في
[١] نسبه إليه الشهيد الثاني في رسائله : ٦٣ ، ٦٤. [٢] المراسم : ٧٧. [٣] السرائر ١ : ٢٩٠. [٤] صنّف رسالة في حرمة الجمعة زمان الغيبة مطلقا ردّا على الشيخ عليّ في رسالته الّتي ألّفها في وجوبها بشرط الفقيه الجامع للشرائط ، راجع لؤلؤة البحرين ، ١٦١.