responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 541

الْكِتابِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) [١] وقال سبحانه : ( تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ ) [٢] وإنّما فعلوا ذلك طلبا للرئاسة ـ كما قلنا آنفا ـ وأوقعوا الخلاف والمنازعة بين الامّة ، فهم يهدمون الشريعة ويوهمون من لا يعلم أنّهم ينصرونها.

وبهذه الأسباب تحزّبت [٣] الامّة ووقعت العداوة بينهم وصاروا [٤] إلى الفتن والحروب ويستحلّ بعضهم دماء بعض. فإن اتّعظ [٥] بعض من يعرف الحقّ من العلماء وخاطب بعض رؤسائهم في ذلك وخوّفه بالله وأرهبه من عذابه عدل إلى العوامّ وقال لهم : هذا فلان! وأغرى العوامّ به ونسب إليه من القول ما لم تأت به شريعة ولا يقوله عاقل ، ولا يتمكّن ذلك العالم من أن يبيّن للعوام كيف جري الأمر في الشريعة ويوقظهم ممّا هم فيه ، لمكان ما قد علمه من عصيانهم والفهم بما قد نشئوا عليه خلفا عن سلف.

ولمّا رأى رؤساؤهم ذلك وأنّ العلماء مشمئزّة من العوامّ جعلوا ذلك شرفا لهم عندهم وأوهموهم أنّ ذلك انقطاع منهم عن القيام بالحجّة وإنّما سكوتهم وتخفّيهم لباطل يمنعهم وأنّ الحقّ هو ما أجمعنا عليه نحن ، فلا يزال ذلك دأبهم. والرؤساء فيهم يتزايدون في كلّ يوم واختلافاتهم تزيد واحتجاجاتهم ومناظراتهم وجدلهم تكثر ، حتّى هجروا أحكام الشريعة وغيّروا كتاب الله بتفسيرهم له بخلاف ما هو به كما قال سبحانه وتعالى : ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ) [٦].

وفي أصل أمرهم قد خرّبوا الامّة من حيث لا يشعرون ، وتأوّلوا أخبار الرسول بتأويلات اخترعوها من أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان ، وقلّبوا المعاني وحملوها على ما يريدون ممّا يقوّي رئاستهم. وتفسيق أهل العلم دأبهم عند العوامّ ، يتوارث ذلك ابن عن أب وخلف عن سلف إلى أن يشاء الله إهلاكهم وانقراضهم ، ولم يزل هؤلاء الّذين هم علماء العوام أعداء الحقّ في كلّ أمّة وقرن ، فكم من نبيّ قتلوه ووصيّ جحدوه وعالم شرّدوه ، فهم بأفعالهم هذه يكونون أسبابا في نسخ الشرائع


[١] الانعام : ٣٨.

[٢] النحل : ٨٩.

[٣] من المحتمل : تخرّبت.

[٤] كذا في المصدر ، في النسخ : تتأدى.

[٥] كذا في المصدر ، وفي النسخ : فإن امتنع.

[٦] المائدة : ١٣.

اسم الکتاب : الفوائد المدنيّة المؤلف : الأسترآبادي، محمّد أمين    الجزء : 1  صفحة : 541
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست